ينبغي التفريق بين التنجيم وعلم النجوم أو الفلك، فالتنجيم حدس واستنباط لا يقوم على أسس علمية صحيحة لا تخطىء أما علم النجوم فهو علم يدعو إليه الدين لمعرفة أسرار الكون والإيمان بالله أو تعميق الإيمان به، وقد جاءت الآيات الكثيرة تدعو إلى التفكر في خلق السموات والأرض، والإفادة من مسخرات الكون ماديًا وأدبيًا.
يقول ابن حجر الهيتمي: والمنهي عنه من علم النجوم ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان، لمجيء المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك، يزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب لاقترانها وافتراقها وظهورها في بعض الأزمان، وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره، فمن ادعى علمه بذلك فهو فاسق، بل ربما يؤدي به إلى الكفر.
أما من يقول: إن الاقتران والافتراق الذي هو كذا جعله الله علامة، بمقتضى ما اطردت به عادته الإلهية، على وقوع كذا وقد يتخلف فإنه لا إثم عليه بذلك، وكذا الإخبار عما يدرك بطريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف بها الزوال وجهة القبلة، وكم مضى وكم بقى من الوقت، فإنه لا إثم فيه، بل هو فرض كفاية.
وفي حديث الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في أثر سماء –أي مطر- كانت في الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: “أتدرون ماذا قال ربكم”؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: “قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا –أي وقت النجم الفلاني- فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب”.
قال العلماء: من قال ذلك مريدًا أن النوء هو المحدث والموجد فهو كافر، أو أنه علامة على نزول المطر، والذي ينزله هو الله وحده، لم يكفر، ويكره قول ذلك، لأنه من ألفاظ الكفرة، والمهم أن يكون الاعتقاد صحيحًا في أن الله هو فاعل كل شيء، وأنه وراء الأسباب جميعًا، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، وما يصل إليه الباحثون ويستنتجونه هو ظن قد يصدق بعضه البعض الآخر.