الزنا من كبائر الذنوب ، وقد توعد الله الزاني بالمقت واللعن والغضب، ولا يخرجه من ذلك إلا توبة نصوح مستمرة، وعليه فعلى من وقع بالزنى التوبة والاستمرار عليها ، والضراعة إلى الله تعالى أن يغفر له ذنبه ، وأن يمحو عنه آثار هذا الذنب، ويكثر من الاستغفار وفعل الصالحات.

فأول ما ننصح به أن يبكي على خطيئته ، وأن يتوب من ذنبه، وأن ترجع إلى الله تعالى سائلا إياه العفو والصفح.

واعلم أيها المذنب أن من تمام توبتك أن تكره أن تعود إلى المعصية كما تكره أن تقذف في النار ، ومن تمام توبتك أن تصلح فيما بقي من عمرك، وأن تبين للشباب والفتيات أن يتقوا خطوات الشيطان، قال تعالى في شأن التائبين : (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة : 160 ) فتب وأصلح وبين، لا أقصد أن تفضح نفسك، ولكن بين للناس أن يربوا أولادهم وأن يراقبوهم، وبين للشباب أن يتقوا الله في الفتيات، وبين للفتيات أن يحذرن الشيطان وكيده. واستتر بستر الله ، ولا تخبر أحدا عن فعلتك هذه.

حكم زواج الزاني بالعفيفة

يجوز  بعد التوبة والصلاح ، وأما قبل التوبة فلا يجوز على الراجح.

تأويل قوله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة

قوله تعالى : ” الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (النور : 3 )

اختلف العلماء في تفسير هذه الآية، ومن أحسن ما جاء فيها أن المقصود بالنكاح فيها الزنا نفسه، فيكون المعنى : ” أن الزاني لا يزني إلا بامرأة زانية أو مشركة، أي من تطاوعه على الزنا  إما زانية وإما مشركة، فهي من أحط الناس ، وكذلك هي لا تزني إلا بزان أو مشرك”.

وأحسن من هذا أن معنى  الآية تنهى العفيف أن يتزوج الزانية والمشركة، وكذلك تنهى العفيفة أن تتزوج الزاني والمشرك، فالآية تنهى عن ذلك، ففي سنن أبي داود أن مرثد ابن أبى مرثد الغنوي كان يحمل الأسارئ بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها عناق، وكانت صديقته. قال: جئت إلى النبي فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً. فسكت عني فنزلت (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) فدعاني رسول الله فقرأها علي وقال: “لا تنكحها”.

فعلى هذا فالآية لفظها لفظ الخبر، ومعناها النهي عن نكاح العفيف بالزانية أو العكس. والنكاح في الآية على هذا التفسير معناه الزواج.