اختلف الفقهاء في الدعاء بغير العربية في الصلاة، فقال الأحناف بالكراهة التحريمية في الصلاة والتنزيهية خارجها، وقد حرم المالكية الدعاء بغير العربية، أما الشافعية فقد فرقوا بين الدعاء بالمأثور وغيره فإن كان بالمأثور فقد ورد فيه ثلاثة أقوال أصحها: أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها, ولا يجوز للقادر, فإن فعل بطلت صلاته، وهو ما عليه الحنابلة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
المنقول عن الحنفية في الدعاء بغير العربية الكراهة; لأن عمر رضي الله تعالى عنه نهى عن رطانة الأعاجم, والرطانة كما في القاموس: الكلام بالأعجمية. وظاهر التعليل: أن الدعاء بغير العربية خلاف الأولى, وأن الكراهة فيه تنزيهية, ولا يبعد أن يكون الدعاء بالعجمية مكروها تحريما في الصلاة, وتنزيها خارجها.
وذهب المالكية إلى أنه يحرم الدعاء بغير العربية – على ما نقل ابن عابدين عن القرافي – معللا باشتماله على ما ينافي التعظيم, وقيد اللقاني كلام القرافي بالأعجمية المجهولة المدلول, أخذا من تعليله, وهو اشتمالها على ما ينافي جلال الربوبية. وأما إذا علم مدلولها فيجوز استعمالها مطلقا في الصلاة وغيرها; لقوله تعالى: { وعلم آدم الأسماء كلها } وقوله تعالى: { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } وهذا ما صرح به الدسوقي أيضا.
وقد فصل الشافعية الكلام فقالوا: الدعاء في الصلاة إما أن يكون مأثورا أو غير مأثور. أما الدعاء المأثور ففيه ثلاثة أوجه: أصحها, ويوافقه ما ذهب إليه الحنابلة: أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها, ولا يجوز للقادر, فإن فعل بطلت صلاته. والثاني: يجوز لمن يحسن العربية وغيره. والثالث: لا يجوز لواحد منهما لعدم الضرورة إليه. وأما الدعاء غير المأثور في الصلاة, فلا يجوز اختراعه والإتيان به بالعجمية قولا واحدا. وأما سائر الأذكار كالتشهد الأول والصلاة على النبي ﷺ فيه, والقنوت, والتسبيح في الركوع والسجود, وتكبيرات الانتقالات, فعلى القول بجواز الدعاء بالأعجمية تجوز بالأولى, وإلا ففي جوازها للعاجز أوجه : أصحها : الجواز . والثاني: لا. والثالث: يجوز فيما يجبر بسجود السهو .وقيل: أنه إذا لم يحسن العربية أتى بكل الأذكار بالعجمية, وإن كان يحسنها أتى بالعربية, فإن خالف وقالها بالفارسية: فما كان واجبا كالتشهد والسلام لم يجزه, وما كان سنة كالتسبيح والافتتاح أجزأه وقد أساء.