الأشياء في الشرع ترتبط بحكمها لا حكمتها، وكثير من الناس لا يعرفون حكمة التحريم، إلا أن الناس متعبدون بشرع الله، والله تعالى لا يحرم شيئا إلا لما فيه من ضرر، لأن الشرع مبني على تحقيق مصالح العباد ، وفي حكمة تحريم الميتة وعدم الانتفاع بها يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
أول ما ذكرته الآيات من محرمات الأطعمة هو: (الميتة) وهي ما مات حتف أنفه من الحيوان والطير. أي: ما مات بدون عمل من الإنسان يقصد به تذكيته أو صيده .
وقد يتساءل الذهن العصري عن الحكمة في تحريم الميتة على الإنسان، وإلقائها دون أن ينتفع بأكلها، ونجيب على ذلك بأن في تحريمها حكما جلية منها :
أ- أن الطبع السليم يعافها ويستقذرها، والعقلاء في مجموعهم يعدون أكلها مهانة تنافي كرامة الإنسان، ولذا نرى أهل الملل الكتابية جميعا يحرمونها، ولا يأكلون إلا المذكى وإن اختلفت طريقة التذكية .
ب- أن يتعود المسلم القصد والإرادة في أموره كلها، فلا يحرز شيئا أو ينال ثمرة إلا بعد أن يوجه إليه نيته وقصده وسعيه، ذلك أن معنى التذكية -التي تخرج الحيوان عن كونه ميتة- إنما هو: القصد إلى إزهاق روح الحيوان لأجل أكله. وكأن الله تعالى لم يرض للإنسان أن يأكل ما لم يقصده ولم يفكر فيه -كما هو الشأن في الميتة- فأما المذكى والمصيد فإنهما لا يؤخذان إلا بقصد وسعي وعمل .
ج- إن ما مات حتف أنفه يغلب أن يكون قد مات لعلة مزمنة أو طارئة أو أكل نبات سام أو نحو ذلك. وكل ذلك لا يؤمن ضرره. ومثل هذا إذا مات من شدة الضعف وانحلال الطبيعة .
د- إن الله تعالى بتحريم الميتة علينا -نحن بني الإنسان- قد أتاح بذلك فرصة للحيوانات والطيور، للتغذى منها، رحمة منه تعالى بها، لأنها أمم أمثالنا كما نطق القرآن. وهذا أوضح ما يكون في الفلوات والأماكن التي لا توارى فيها ميتة الحيوان .
هـ- أن يحرص الإنسان على ما يملكه من الحيوان فلا يدعه فريسة للمرض والضعف حتى يموت فيتلف عليه . بل يسارع بعلاجه، أو يعجل بإراحته .