قد تحدث بين الزوج وزوجته خلافات؛ بسبب زيارة أقاربها لهم في أوقات راحته، وقد يطيلون المكث لديهم، ومعهم أطفالهم الصغار، وإذا نبه الزوج زوجته إلى ذلك، قد تتهمه بالبخل، وعدم معرفة أمور دينه الذي يأمر بصلة الرحم، ويحض على إكرام الضيف. فهل من الدين إزعاج الآخرين وإقلاق راحتهم؟
على الزوجة أن تجمع بين صلة الرحم وطاعة الزوج وراحته فإن تعذر الجمع بينهما تقدم مصلحة الزوج لأن البيت بيته وهو أولى بطاعتها وعلى الزوج أن يكون مرنا في مثل هذه الأمور بما لا يكلفه فوق طاقته.
صلة الزوجة لرحمها
يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:
حقًا إن ديننا الإسلامي الحنيف حثّنا على صلة الأرحام في كثير من آيات الكتاب الكريم وسنة النبي -ﷺ-، كما حثنا على إكرام الضيف؛ بل إن النبي -ﷺ- جعل إكرام الضيف من دلائل كمال الإيمان؛ فقال -ﷺ-: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه …”.
ولكن ذلك كله ينبغي أن يتم بالطريقة الشرعية الصحيحة البعيدة عن الإيذاء حتى يؤتي ثماره المرجوة في تقوية الصلة بين الأهل والأقارب والزملاء والأصدقاء.
آداب الزيارة والاستئذان
هناك عدة آداب، لفت العلماء الأنظار إليها في هذا المجال الاجتماعي الهام في كل زمان ومكان، أهمها:
1-الاستئذان: قال الله -تعالى-: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا…” (النور: 27)، ويدخل ضمن الاستئذان أن نُعلم من نحب أن نزوره بهذه الرغبة بالطريقة المناسبة، وإلا كنا ممن يتسببون في إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا؛ فنتحمل بهتانا وإثما كبيرا، والأقارب أولى أن يراعوا مشاعر أقاربهم.
2-اختيار الوقت المناسب للمزور، وإلا كان من حقه أن يرفض استقبالهم، وفي هذا يقول الله -تعالى- ” وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ” (النور: 28).
3-التباعد بين أوقات الزيارات، لقوله -ﷺ-: “زر غبًا تزدَدْ حبًا”.
4-عدم التكلف للضيف، قال الله -تعالى-: “قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ” (ص: 86).
والزوجة الصالحة تعرف من يحبه زوجها ومن يكرهه، وتعرف أن من حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته من لا يحب من أقاربها أو غيرهم؛ فقد قال -ﷺ- في حجة الوداع عن حق الزوج: “…وألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه….