يقول فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة أستاذ أصول الفقه بالأزهر:
يحق لأولياء المتوفين في حوادث الطائرات وغيرها أن يطالبوا أصحاب شركات الطيران بالتعويض المادي وهو مايعرف بالدية في الشريعة الإسلامية التي تقدر في هذا الوقت الحاضر بأربعة كيلوات وربع من الذهب وهذا في حالة الخطأ أما في العمد وشبه العمد فتكون أكثر من هذا( وهذا حق للأولياء يحق لهم المطالبة به كما يحق لهم التنازل عنه )

ويقول فضيلة الشيخ حسن مأمون في فتاوى دار الإفتاء المصرية
أن المنصوص عليه فقها أن راكب الدابة في الطريق العام يضمن ما وطئت دابته أو أصابت بيدها أو رجلها أو صدمت من نفس ومال .‏
وراكب السيارة وقائدها مثل راكب الدابة في الحكم .‏
وعلى ذلك فيضمن قائد السيارة ما وطئت سيارته، ويحل لصاحب ما وطئته السيارة أخذ قيمة ما أتلف من مال .‏

وفي حكم التعويضات بصفة عامة يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر:
يقول الله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) [البقرة: 194] ويقول (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) [النحل: 126] ويقول (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون* وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) [الشورى: 39-41] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن “لا ضرر ولا ضرار.

إن الحفاظ على الحقوق واجب ديني واجتماعي والتعدي عليها أو الإهمال في الحفاظ عليها يوجب العقوبة من الله سبحانه إن كان عن عمد وقصد، وترفع هذه العقوبة إن كان عن خطأ كما في الحديث “رفع عن أمتي الخطأ وما استكرهوا عليه” رواه أصحاب السنن، ورجاله ثقات – ولكن مع ذلك لا بد من إزالة الضرر الذي وقع، ومن تعويض التلف الذي حدث، وهذا أمر مقرر في جميع الأديان، وأقره الإسلام تخفيفًا لمبدأ العدل والإنصاف.

وهذا التعويض قد يكون بالمثل وقد يكون بالقيمة والخلاف فيه مذكور في كتب الفقه وهو حق ثابت لمن وقع عليه الضرر، إن شاء استوفاه وإن شاء تنازل عنه، وقد حبب الدين في العفو عنه كما في النصوص السابقة.

-وفي حكم داود وسليمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم – تقرير لمبدأ التعويض عن التلف حتى لو كان بطريق غير مباشر، فكيف لو وقع التلف بطريق مباشر من الإنسان نفسه؟

-إن النبي صلى الله عليه وسلم طبق هذا المبدأ في حياته وطبقه المسلمون من بعده، فعندما غرس شخص نخلاً في أرض شخص آخر وتخاصما إلى الرسول قضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله، إزالة للضرر الواقع على صاحب الأرض كما رواه أبو داوود والدارقطني.

-وقرر تعويض التلف حين أرسلت بعض زوجاته إليه طعامًا وهو في بيت زوجة أخرى فغضبت هذه الزوجة وأكفأت قصعة الطعام فانكسرت فعوض الرسول صاحبتها بإناء بدل الإناء وطعام بدل الطعام، وهذه الحادثة رواها البخاري وأصحاب السنن. وهي في كتاب نيل الأوطار للشوكاني (ج5 ص341، 342) فكان الرسول في بيت عائشة كما في رواية الترمذي وجاء الطعام من بيت زينب بنت جحش كما في رواية ابن ماجه وابن أبي شيبة.

-وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بضمان ما أفسدته ناقة البراء بن عازب من زرع في بستان مملوك لآخرين، كما في رواية أحمد وأبي داوود وابن ماجه جاء فيه أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل فضامن على أهلها. والراوي لتلك الحادثة هو حرام بن مُحَيِّصة وأخذ به الشافعي. ورواه مالك في الموطأ والنسائي والدارقطني وابن حبان وصححه.

ومعنى ضامن على أهلها مضمون عليهم، والخلاف في ضمان تلف الدابة ليلاً أو نهارًا وضحه الشوكاني (ص344) والمهم أن التلف يعوض.

وفي حديث لابن أبي حاتم “من كسر شيئًا فهو له وعليه مثله” وصاحب الشيء التالف حُرّ في أن يتمسك بحقه أو يعفو عنه، والعفو محبب إليه كما تقدم في النصوص .

وقد يكون من الخير في بعض الأحيان التمسك بالعوض إذا عرف أن المتلف للشيء مقصر أو معتاد الإهمال، وجاء فيه الحكم بتضمين القصارين والصباغين والخياطين والصناع عامة.