اختلف الفقهاء في أستار الكعبة فمنهم من قال لا يجوز التصرف في أستار الكعبة لا بيعا ولا شراء ولا هبة، ومن باب أولى يحرم السرقة منها.
ومن الفقهاء من أباح للإمام التصرف فيها بالبيع، ثم إنفاق ثمنها على المحتاجين، وهذا أرجح لأنه لو تركت بلا تبديل ستتلف بمرور الأيام، وسيكون منظرها لا يليق بالكعبة بيت الله الحرام، هذا إن كانت من السلطان، أما إن كانت وقفا على الكعبة فيرجع فيها إلى شرط الواقف، وإن لم يشترط الواقف شيئا فالعمل على ما جرت به العادة.
جاء في المجموع شرح المهذب:
قال صاحب التلخيص: لا يجوز بيع أستار الكعبة، وكذا قال أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا: لا يجوز قطع أستار الكعبة، ولا قطع شيء من ذلك، قال: ولا يجوز نقله، ولا بيعه وشراؤه، خلاف ما يفعله العامة؛ يشترونها من بني شيبة، وربما وضعوه في أوراق المصاحف، قال : ومن حمل منه شيئا لزمه رده.
وحكى الرافعي قول ابن عبدان وسكت عليه ولم يذكر غيره، فكأنه ارتضاه ووافقه عليه، وكذا قال أبو عبد الله الحليمي من أئمة أصحابنا: لا ينبغي أن يؤخذ منها شيء.
وحكى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح قول الحليمي وابن عبدان ثم قال: الأمر فيها إلى الإمام يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء، واحتجَّ بما رواه الأزرقي صاحب كتاب مكة، أنَّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان ينزع كسوة البيت كل سنة، فيقسمها على الحاج، وهذا الذي اختاره الشيخ أبو عمرو حسن متعين ; لئلا يؤدي إلى تلفها بطول الزمان، وقد روى الأزرقي عن عمر رضي الله عنه ما سبق.
وروى الأزرقي أيضا عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما أنهما قالا: تباع كسوتها، ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل.
قال ابن عباس وعائشة وأم سلمة: لا بأس أن يلبس كسوتها من صارت إليه من حائض وجنب وغيرهما.أهـ
كما جاء في حاشية ابن عابدين من كتب الحنفية:
قال العلامة قطب الدين الحنفي : والذي يظهر لي أن الكسوة إن كانت من قبل السلطان من بيت المال فأمرها راجع إليه، يعطيها لمن شاء من الشيبيين أو غيرهم , وإن كانت من أوقاف السلاطين وغيرهم فأمرها راجع إلى شرط الواقف فيها فهي لمن عينها له .
وإن جهل شرط الواقف فيها عمل فيها بما جرت به العوائد السالفة كما هو الحكم في سائر الأوقاف.
وكسوة الكعبة الشريفة الآن من أوقاف السلاطين، ولم يعلم شرط الواقف فيها , وقد جرت عادة بني شيبة أنهم يأخذون لأنفسهم الكسوة العتيقة بعد وصول الكسوة الجديدة فيبقون على عادتهم فيها.