الزوجة لها ذمتها المالية المنفصلة ، ولا يجوز للزوج أن يسيطر على أموال زوجته ، ولا أن يتحكم فيها ، ولا أن يأخذ منها شيئا إلا بطيب نفس منها .

وللزوجة الحرية المطلقة في التصرف في مالها الذي تملكه طالما أن تصرفها هذا سيكون خاليا عن الحرام.
وإذا كان للزوجة مال خاص بها فلها أن تحتفظ به كيفما شاءت، فلها أن تحتفظ به على هيئة وديعة بنكية في بنك إسلامي، ولها أن تشتري به أرضا، أو بيتا، ولها أن تساعد أهلها المحتاجين، بل قد يجب ذلك عليها إذا كان أبواها فقيرين معدمين، وليس لزوجها أن يمنعها من ذلك.

والأفضل للمرأة أن تشاور زوجها فيما تريده من تصرفات، وعليها أن تتخير وقت رضاه تجنبا لإثارته، والمرأة تعرف ساعات الصفو والرضا من أوقات زوجها، بل تستطيع أن تصنع هذه الساعات، وتستميل زوجها إلى حيث تشاء دونما شجار أو عراك.

فإذا رفض الزوج بعد هذا كله إلا أن يحتاج أموال زوجته فلا يجب عليها طاعته.

ولكن المشكلة إذا حدث يمين الطلاق ويكون الزوج حلفه تعنتا وإرهابا بزوجته…. فالواجب على الزوج أن يحنث في يمينه ، وأن يكفر عن هذه اليمين ؛ لأنها يمين على معصية إذا كان يريد بهذا الحلف تهديد زوجته بهذا الطلاق.

أما إذا كان يريد طلاقها إذا لم تعطه المال فإن الكفارة لا تنفعه هنا…. وإذا رفضت الزوجة إعطاءه المال – والحالة هذه- وقع الطلاق.

وعلى الزوجة أن توازن بين هذه الأمور، وأن توسط حكما من أهلها، وحكما من أهله، أو يحكما رجالا من أهل العلم والفضل إذا لم يتيسر الأقارب حتى يوضع حل لهذا التعنت من الزوج.

يقول الدكتور محمد البهي من علماء الأزهر :-

إن الزوجة ـ في نظر الإسلام ـ مُستَقِلّة في مالها.. وفي رأيها.. وفي اعتقادها. ولها شخصيتها الخاصة بها تدخل بها عقد الزواج، كما يدخل الرجل بشخصيته الخاصة هذا العقد أيضًا.

وللزوجات حقوق قبل الأزواج، مثل ما للأزواج حقوق قبلهُنَّ: (ولَهُنَّ مِثْلُ الذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْروفِ) (البقرة: 228).

ودرجة الأزواج على الزوجات في الأسرة هي درجة الإنفاق عليها.. ودرجة المواجهة في الحياة، عند تنفيذ ما يستقِرُّ عليه الرأي في شؤون هذه الحياة بين الزوجة والزوج وبقية أعضاء الأسرة. فالشورى مبدأ أساسي في صفات المؤمنين: (وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى: 38). ولا يلغيها أنَّ للرجال درجة على النساء في الأسرة.

ودليلُ أنَّ الزوجة مستقلّة في مالها أن مهرها ـ وهو منحة من زوجها لها ـ إذا دخل في ملكها لا يجوز لزوجها أن يستردَّ منه شيئًا إلا في حالتين:

1 -في حاله رضاها هي، كما يقول تعالى: (وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ “أيْ مُهورَهُنَّ” نِحْلةً “أي منحة وعطية” فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) (النساء: 4) أي فإن تنازلت الزوجات عن شيء من مهورهن التي هي منحة من أزواجهن، عن طيب خاطر إلى الأزواج.. فليس هناك حرَج في أن يقبلَه الأزواج. إذ هو حلال لهم الآن..

2 – والحالة الثانية أن تفدي الزوجة نفسَها بمهرها أو ببعض منه للتخلُّص من سوء عشرة زوجها لها، عندئذٍ يجوز للزوج أن يأخذه في مقابل فِراقها منه. ويقول في ذلك القرآن الكريم: (ولاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاّ يُقِيمَا حُدودَ اللهِ فَإنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيمَا حُدودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (البقرة: 229) أي ليس هناك حرج على الزوجة في تنازلها عن المهر أو بعضه.. وليس هناك حرج أيضًا على الزوج في قَبول ما تنازلت عنه. إذا تعيَّن ذلك حلاًّ لرفع الضَّرَر عن الزوجة من سوء عشرة زوجها.

وإذا كان وضع المهر بين الزوج والزوجة هو على هذا النحو.. فمال الزوجة الخاصّة بها، كالمرتَّب مثلاً، لا يجوز قطعًا للزوج أن يأخذ منه شيئًا، إلا برضاء الزوجة وطيب نفسِها، وأخذ شيءٍ منه كَرْهًا ـ سواء أكان هذا الإكراه مُقنَّعًا أو مكشوفًا ـ فإنه يُعتبر غصبًا. والغصب حرام على المغتصِب، ويجب عليه ردُّ المغصوب لمَن اغتُصب منه. وعقد الزوجية لا يبرِّر أي ضغط على الزوجة: إن في مالها أو فيما تراه وتعتقده. انتهى.

ويقول الدكتور يوسف القرضاوي:-
من الحقائق المسلمة أن الإسلام أنصف المرأة من ظلم الجاهليات المختلفة،وأعطاها حقوقها دون أن تطالب بها،ومن ذلك الحقوق المالية،وعلى رأسها حق التملك للأموال،عقارات ومنقولات،فجعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة عن أبيها وزوجها.فمن حقها أن تملك وأن تتصرف في ملكها كما تشاء،كما يتصرف الرجل،تبيع وتشتري وتهب وتتصدق،كما يفعل الإنسان السوي الرشيد،ولا حرج ولا حجر عليها.قال تعالى:{للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}النساء:32.
ومن هنا نقول: إن للزوجة الحق كل الحق في فتح حساب لها في البنك باسمها،خاص بها،تضع فيه ما يأتيها من دخل،سواء أكان من كسبها أم من ميراث لها،أم من هبة من أب أو أم أو غير ذلك.
وليس للزوج أي حق في أن يفرض عليها أن تضع دخلها في حساب أو وعاء مشترك مع دخل زوجها،لينفق منه على الأسرة.إذ من المعلوم أن الإنفاق على الأسرة شرعا هو من واجب الزوج،كما قال الله تعالى:{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض،وبما أنفقوا من أموالهم}النساء:34.
وإنما تساعد المرأة زوجها في نفقة البيت،تبرعا منها ومن باب مكارم الأخلاق،وليس من باب الوجوب والإلزام،ولو كانت غنية بميراث أو كسب.
ولم يوجب أحد من أئمة الإسلام على الزوجة الغنية أن تنفق على زوجها الفقير،إلا الإمام الظاهري المعروف،ابن حزم.
ولكننا نستحسن أن تساهم المرأة العاملة في نفقة البيت،ولا سيما إذا كانت وظيفتها أو عملها في الخارج يكلف البيت خادمة أو مربية للأطفال،أو مصاريف زائدة من أجل خروج المرأة ولبسها ومواصلاتها ونحو ذلك.
وأقصى ما يمكن أن تساهم به المرأة في ذلك هو الثلث،والثلثان على الزوج،فكما أن الرجل يرث ضعفها من التركة،فكذلك يجب أن يتحمل ضعفها من النفقة.
ونحن نؤيد أن يكون لكل من الزوجين حسابة الخاص،حتى لا يطمع بعض الأزواج في أموال زوجاتهم،فعلى الزوجة أن تحتاط لغدرات الزمان،وتقلبات الأزواج،ولا يحق لزوج أن يغضب من ذلك،إلا إذا كانت نيته سيئة،والحق أحق أن يتبع.
وإذا كنا نحبذ ألا يكون دخل الزوجين في وعاء مشترك أو حساب مشترك فمن باب أولى لا نحبذ على الإطلاق أن تضع الزوجة دخلها في حساب زوجها،ويكون كل شيء باسمه وعلى ملكه.ولا يجوز للزوج أن يطالبها بذلك،فكل إنسان أحق بماله.
وقد عرفنا أزواجا كانت زوجاتهم موظفات ووضعن رواتبهن وكل دخولهن بأسماء أزواجهن،وللأسف بعد مدة من الزمن ـ قصرت أو طالت ـ تغير الرجل على زوجته وأحب أخرى،وتزوجها بمال زوجته القديمة،التي خسرت زوجها ومالها جميعا.