بناء المقابر واجب على الأفراد لا على الحكومات، وذلك لأنهم مطالبون ببناء مساكنهم في الحياة، فيطالبون ببناء قبورهم ليتواروا فيها بعد الموت، والدولة أو الحكومة لا تطالب بمساعدة الأفراد في البناء، ولكنها مطالبة بتوفير أماكن لبناء المقابر فيها إلا إذا كان هناك من يموت عاجزا عن بناء مقبرة لنفسه فعلى الدولة أن توجد لهم مقابر.
على من يجب بناء المقابر
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر:
مِن المُقَرَّر شرعًا أن دفن الميت فرض كفاية بالإجماع، إذا قام به البعض سقط عن الباقين؛ لأن في ترك الميت على وجه الأرض هتكًا لحُرْمته، ويتأذى الناس من رائحته، وعليه عمل الناس من لدن سيدنا آدم إلى يومنا هذا، قال الله تعالى: (ألم نَجْعَلِ الأرضَ كِفاتًا. أحياءً وأمواتًا) (المُرْسَلات: 25 ـ 26) والمعنى: جعلناها جامعةً للأحياء على ظهرها، وللأموات في بطنها بالقبور. فمواراة الميت يهُمّ أولاً وأخيرًا أسرتَه، وعامةَ المسلمين إن لم يكن له أسرة.
وعلى ذلك فكل أسرة كما يَلْزَمُها بناءُ سكنها في الدنيا فكذلك أيضًا يلزمها بناءُ قبرها التي تُواري فيه جثثَ أمواتها، وهذه عادة قديمة مُسْتَحْسَنة لدى عامة المصريين منذ زمن بعيد، فقامت كل أسرة ببناء مقبرة خاصة لها لا يشاركها فيها غيرها إلا بإذن منها ورضاها، وعلى ذلك فقد أصبحت جميع المقابر خاصة، وليست فيها مقابر عامة إلا ما يقوم ببنائه بعضُ الأُسَر كصدقة جارية وتقربًا إلى الله تعالى، حيث تُجعل هذه المقابر لدفن فقراء المسلمين الذين لم يستطيعوا بناءَ مقابرَ خاصةٍ لهم.
هل يجب على الدولة بناء المقابر
بناء على ما سبق بيانه فإن الدولة لا تتكلف أية أعباء مالية لبناء المقابر، وتكلفتها تكون على الأسرة، وكل ما يُطلب من الدولة أن توفر المكان الذي تُقام عليه المقابر، طبقًا لمواصفات وشروط معينة تضعها الدولة بمعرفة الخبراء والمختصين كي لا يتأذى منها الأحياء من البشر، وتُباع هذه الأرض لمن يرغب من الأسر في مقابل ثمن رمزيّ.