الإقعاء عند العرب : إلصاق الأليتين بالأرض ، ونصب الساقين ووضع اليدين على الأرض ، وقال ابن القطاع : أقعى الكلب : جلس على أليتيه ونصب فخذيه ، وأقعى الرجل : جلس تلك الجلسة .

وللفقهاء في الإقعاء تفسيران :
الأول :
نحو المعنى اللغوي ، وهو اختيار الطحاوي من الحنفية .
والثاني : أن يضع أليتيه على عقبيه ، ويضع يديه على الأرض ، وهو اختيار الكرخي من الحنفية .
فالإقعاء بالمعنى الأول مكروه في الصلاة عند أكثر الفقهاء ، لما روي أن رسول الله { نهى عن الإقعاء في الصلاة } .

وعند المالكية : الإقعاء بهذه الصورة حرام ، ولكن لا تبطل به الصلاة .
وأما الإقعاء بالمعنى الثاني فمكروه أيضا عند الحنفية ، والمالكية ،والحنابلة .
وعند الشافعية : الإقعاء بهذه الكيفية بين السجدتين سنة ، ففي مسلم { الإقعاء سنة نبينا } وفسره العلماء بهذا ، ونص عليه الشافعي في البويطي والإملاء في الجلوس بين السجدتين ، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال : لا أفعل ولا أعيب من فعله ، وقال : العبادلة كانوا يفعلونه .

هيئة السجود المسنونة :

هي أن يسجد المصلي على الأعضاء السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين والركبتين ، والقدمين – ممكنا جبهته وأنفه من الأرض ، وينشر أصابع يديه مضمومة للقبلة ، ويفرق ركبتيه ، ويرفع بطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة .
-وحد المالكية السجود بأنه مس الأرض ، أو ما اتصل بها من ثابت بالجبهة ، فلا يجزئ السجود على نحو السرير المعلق ، ويتحقق السجود عندهم بوضع أيسر جزء من الجبهة بالأرض أو ما اتصل بها ، ويشترط استقرارها على ما يسجد عليه ، فلا يصح على تبن أو قطن . وأما وضع الأنف فهو مستحب ، لكن تعاد الصلاة لتركه عمدا أو سهوا.
ووضع بقية الأعضاء – اليدين والركبتين والقدمين – فهو سنة وقيل : إنه واجب ، وصرحوا بعدم اشتراط ارتفاع العجيزة عن الرأس بل يندب ذلك .

-وذهب الشافعية : إلى أن أقل السجود يتحقق بمباشرة بعض جبهته مكشوفة على مصلاه ; لحديث خباب بن الأرت قال :   { شكونا إلى رسول الله شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا } أي لم يزل شكوانا . ووجه الدلالة من الحديث : أنه لو لم يجب كشف الجبهة لأرشدهم إلى سترها ، وإنما اعتبر كشفها دون بقية الأعضاء لسهولته فيها دون البقية ; ولحصول مقصود السجود وهو غاية التواضع بكشفها .

ويجب – أيضا – وضع جزء من الركبتين ، ومن باطن الكفين ، ومن باطن القدمين على مصلاه لخبر الصحيحين : { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : على الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه – واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين } ولا يجب كشف هذه الأعضاء ، بل يكره كشف الركبتين ; لأنه قد يفضي إلى كشف العورة . وقيل : يجب كشف باطن الكفين .

ويجب – أيضا – أن ينال محل سجوده ثقل رأسه ; لقول النبي : { إذا سجدت فأمكن جبهتك } قالوا : ومعنى الثقل أن يتحامل بحيث لو فرض تحته قطن أو حشيش لانكبس وظهر أثره في يده لو فرضت تحت ذلك ، ولا يشترط التحامل في غير الجبهة من الأعضاء.

ويجب أيضا أن ترتفع أسافله – عجيزته وما حولها – على أعاليه لخبر { صلوا كما رأيتموني أصلي } فلا يكتفي برفع أعاليه على أسافله ولا بتساويهما ، لعدم اسم السجود كما لو أكب ومد رجليه ، إلا إن كان به علة لا يمكنه السجود إلا كذلك فيصح.

-وذهب الحنابلة إلى أن السجود على الأعضاء السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ، والقدمين ، ركن مع القدرة ; لحديث ابن عباس مرفوعا { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه – واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين } ولقوله : { إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب : وجهه ، وكفاه ، وركبتاه ، وقدماه}  ثم إنه يجزئ بعض كل عضو في السجود عليه ; لأنه لم يقيد في الحديث الكل ، ولو كان سجوده على ظهر كف ، وظهر قدم ، وأطراف أصابع يدين ، ولا يجزئه إن كان بعضها فوق بعض كوضع جبهته على يديه ; لأنه يفضي إلى تداخل أعضاء السجود . ومتى عجز المصلي عن السجود بجبهته سقط عنه لزوم باقي الأعضاء ; لأن الجبهة هي الأصل في السجود ، وغيرها تبع لها ، فإذا سقط الأصل سقط التبع ، ودليل التبعية ، ما روى ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي قال : { إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه ، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه ، وإذا رفعه فليرفعهما } وباقي الأعضاء مثلهما في ذلك لعدم الفارق ، وأما إن قدر على السجود بالجبهة فإنه يتبعها الباقي من الأعضاء ، وصرحوا بأنه لا يجزئ السجود مع عدم استعلاء الأسافل إن خرج عن صفة السجود ; لأنه لا يعد ساجدا ، وأما الاستعلاء اليسير فلا بأس به – بأن علا موضع رأسه على موضع قدميه بلا حاجة يسيرا – ويكره الكثير .