الحائض والنُّفَسَاء ومَن عليه جَنابة ولم يغتسل يحرُم عليه المُكْث في المسجد أما العبور فلا حرج فيه، بناء على قوله تعالى:( يا أيُّها الذِينَ آمَنوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكَارَى حَتذَى تَعْلَموا مَا تَقولونَ ولاَ جُنُبًا إِلاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلوا) (سورة النساء : 43) ولحديث عائشة ـ رَضى الله عنها ـ الذي رواه أبو داود، قالت: جاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ووجوه بيوت أصحابه شارِعة في المسجد، فقال:” وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد “، ثم دخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ولم يصنع القوم شيئًا، رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم فقال:” وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإنِّي لا أُحِلُّ المسجد لحائِض ولا لجنب” ولحديث أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ الذي رواه ابن ماجه والطبراني، قالت: دخل رسول الله ـ ﷺ ـ صرحة هذا المسجد ـ أي فناءه ـ فَنادَى بأعلى صوته” إن المسجد لا يَحِلُّ لحائض ولا لجنب”، وعن جابر ـ رضى الله عنه ـ قال: كان أحدُنا يمرُّ في المسجد جنبا مجتازًا. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور في سننه.
وجاءت روايات تدل على أن الذين كانت تصيبهم جنابة ولا يجِدون طريقًا إلى الماء إلا المسجد فكانوا يمرون منه.
ويؤكِّد أن المُحرَّم هو المكث فقط وليس العبور ما رواه مسلم وغيره عن عائشة ـ رَضِيَ الله عنها ـ قالت : قال لي رسول الله ـ ﷺ ـ ” ناوليني الخُمرة من المسجدِ ” فقلت : إنِّي حائض فقال:” إن حَيْضتَك ليستْ في يدِك” يعني لن تُلوِّثَ المسجد لأن يدَكِ التي تتناولين بها الخُمرة ليس بها دم. وما رواه أحمد والنسائي عن ميمونة ـ رَضِى الله عنها ـ قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهى حائض. فيضع رأسَه في حِجرها فيقرأ القرآن وهى حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرتِه فتضعها في المسجد وهي حائِض والخمرة هى السّجادة التي يضعها تحت جبْهته عند السجود.
فهذه النصوص تدل على حُرمة دخول الحائض والنُّفَساء ومَن به جنابة ـ المسجدَ لسماع درسٍ علم وغيره، فالمكث لذلك ممنوع، والعبور فقط لحاجة لا مانع منه، ولم يجوِّز مكث الحائض في المسجد إلا زيد بن ثابت إذا أمن تلويثها للمسجد يقول الشوكاني” نيل الأوطار ج1 ص 249″: وحكاه الخطابي عن مالك والشافعي وأحمد وأهل الظاهر، ومنع من دخولها سفيان وأصحاب الرأي وهو المشهور من مذهب مالك.