لا بد من معالجة النقاط التالية :-

هل يقع الطلاق بمجرد جواب الزوج على القاضي أنه طلق ثلاثا أو بقول نعم

جاء في الموسوعة الفقهية
قد يترتب على الجواب التزام بما تضمنه الكلام ( أي سؤال القاضي ) ويتفق الفقهاء على أن ألفاظ (نعم – أجل – بلى . . ) تتعين جوابا وتصديقا لما تضمنه السؤال , وتكون الإجابة بهذه الألفاظ إقرارا واعترافا بما جاء فيه ; لأن هذه الألفاظ من صيغ الإقرار الصريحة ; ولأن الجواب بها لا يستقل بنفسه . أما إذا كان الجواب غير ذلك بأن كان مما يستقل بنفسه ففيه احتمالات الإخبار أو الإنشاء , ويرجع غالبا إلى النية أو إلى القرائن . ومن هنا يختلف الفقهاء في اعتباره جوابا ملزما بما تضمنه الكلام السابق أو غير ملزم .انتهى. ولا شك أن الزوج إذا ضم إلى إجابته توقيعه على ورقة الطلاق، فيكون التوقيع قبول بما فيها

كم طلقة يقع الطلاق الثلاث

اختلف أهل العلم فيمن أوقع الطلقات الثلاث بلفظ واحد ، هل تلزمه الطلقات الثلاث، فلا تحل له زوجته إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره وتعتد منه، أم أنها تكون طلقة واحدة يملك فيها إرجاعها ما دامت في عدتها؟
جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين ذهبوا إلى وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة إذا قال: “أنت طلاق ثلاثاً أو بالثلاثة”
وذهب جماعة من أهل العلم إلى الطلاق الثلاث بلفظة واحدة يقع طلقة واحدة. وممن قال بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما.

هل يجوز تعقب حكم المحكمة في إيقاع الطلاق

فإنه لا يجوز تعقب المحكمة في حكمها في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف( وهي التي لا تصطدم بأدلة قطعية ) وهذه المسألة من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، بل مذهب جماهير أهل العلم على وقوع الثلاث ثلاثا ، وهو ما أخذ به عمر بمحضر من الصحابة دون نكير ، وأيا كانت أدلة كلا القولين، فطالما أن المسألة يسوغ فيه الخلاف فلا يجوز هنا تعقب المحكمة ولو من محكمة أخرى، فكيف في تعقبها بفتوى.

هل يجوز العمل في الباطن بمذهب يخالف حكم المحكمة في إيقاع الطلاق

فإذا كان أبرز من لا يقول بوقوع الطلاق الثلاث إلا واحدة شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه يحسن بنا أن نستشهد بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه في هذه المسألة، فماذا يقول هنا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:-

‏ لو قدر أن الحاكم حكم على رجل بطلاق امرأته ببينة اعتقد صدقها وكانت كاذبة في الباطن لم يكن له أن يطأها لما هو الأمر عليه في الباطن . فإن قيل لا ريب أن هذا يمنع منه ظاهرا وليس له أن يظهر ذلك قدام الناس ; لأنهم مأمورون بإنكار ذلك ; لأنه حرام في الظاهر ; لكن الشأن إذا كان يعلم سرا فيما بينه وبين الله ؟ قيل : فعل ذلك سرا يقتضي مفاسد كثيرة منهيا عنها فإن فعل ذلك في مظنة الظهور والشهرة وفيه ألا يتشبه به من ليس حاله كحاله في الباطن فقد يظن الإنسان خفاء ذلك فيظهر مفاسد كثيرة ويفتح أيضا باب التأويل . وصار هذا كالمظلوم الذي لا يمكنه الانتصار إلا بالظلم كالمقتص الذي لا يمكنه الاقتصاص إلا بعدوان فإنه لا يجوز له الاقتصاص .انتهى.

والخلاصة أنه يجب اتباع ما قضت به المحكمة ، ولا يجوز تلمس من يتعقبها بفتوى أو قضاء. وتكون هذه المراجعة ملغاة لا أثر لها.
وهذا لا يمنع أنه إذا كان القضاء درجات فإنه يجوز لكلا الزوجين اللجوء إلى الدرجة التالية كالاستئناف أو النقض مثلا، ويمكن للقاضي في الدرجة الأعلى أن يلغي الحكم السابق؛لأن هذا ليس من تعقب القضاء بقضاء آخر ، ولكنها دورة قضائية واحدة تمر من خلال هذه المراحل.
على أنه حتى لو فرضنا أن القاضي عرف نية الزوج ساعة الحكم فإن المظنون بالقاضي أنه لم يكن ليقضي إلا بما قضى به ؛ ذلك أن الفقهاء الذين يوقعون طلاق الثلاث ثلاثا – وهو المذهب الذي أخذ به القاضي- لا يفرقون بين أن تكون نية الزوج واحدة أو أكثر طالما كان اللفظ ثلاثا، فالعبرة عندهم باللفظ لا بالنية.

يقول ابن قدامة :

إذا قال الرجل لامرأته : أنت طالق ثلاثا . فهي ثلاث , وإن نوى واحدة , لا نعلم فيه خلافا ; لأن اللفظ صريح في الثلاث , والنية لا تعارض الصريح ; لأنها أضعف من اللفظ , ولذلك لا نعمل بمجردها , والصريح قوي يعمل بمجرده , من غير نية , فلا يعارض القوي بالضعيف , كما لا يعارض النص بالقياس , ولأن النية إنما تعمل في صرف اللفظ إلى بعض محتملاته , والثلاث نص فيها , لا يحتمل الواحدة بحال , فإذا نوى واحدة , فقد نوى ما لا يحتمله , فلا يصح , كما لو قال : له علي ثلاثة دراهم . وقال : أردت واحدا .