الغيبة هي ذكر الغير بما يكره ولو كان فيه، وهي من أكبر الكبائر، ولا خلاف بين الفقهاء أن الغيبة تنقص أجر الصوم بل تجعل الصائم يخرج من يومه صفر اليدين لقوله صلى الله لعيه وسلم “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني -رحمه الله-، واختلف الفقهاء في بطلان الصوم بالغيبة، فذهب بعض الفقهاء إلى أن الغيبة تبطل الصوم، وذهب بعضهم إلى أن الغيبة لا تبطل الصوم ولكنها تذهب بأجر الصائم.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي رحمه الله:
الغيبة هي أن تذكر أخاك المسلم بما يكرهه من عيب أو سوء ولو كان فيه، والغيبة حرام، بل هي كبيرة من الكبائر، والقرآن الكريم يقول: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات: 12.
ولقد قال رسول الله ـ ﷺ: “أتدرون ما الغيبة ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم.
فقال: ذِكْرُكَ أخاكَ بِمَا يَكْرَه. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟.
قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته (أي رميته بالبهتان وهو الباطل).
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ” إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عِرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السَّبَّتان بالسبَّة ” أي الرد على الشتيمة الواحدة بشتيمتين.
وقال صلوات الله وسلامه عليه: ” لمَّا عُرِجَ بي مَرَرت بقوم لهم أظفار من نُحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.
وإذا كان السَّبُّ شيئًا لا يليق بالمسلم في كل الأوقات، فهو أثناء الصوم أقبح، ومن شتم أو اغتاب وهو صائم فصومه غير مقبول، ولا ثواب له. أ.هـ
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
ذهب بعض الفُقهاء إلى أنَّ الغِيبة تُبْطِلُ الصيام، فإن لم تُبْطله نَقَصت من ثوابه، للحديث الذي رواه أحمد في الفتَاتَيْن اللَّتَيْن كانتا تغتابان أثناء الصيام، حيث استقاءت كل منهما قَيْحًا ودمًا وصديدًا ولحمًا وذلك أمام النبي ـ ﷺ ـ فقال: “إنَّ هاتين صامتَا عما أحَلَّ الله لَهُما، وأفطرتا على ما حرَّم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجَعلتا تَأْكلان مِن لُحوم الناس”، وكان عَطَاءٌ مِنْ كِبار علماء التابعين يرى بُطْلَان الوضوء والصلاة والصيام بالغِيبة ” الإحياء ج3 ص 124″، وحَسنات المُغتاب تُنقل إلى مَن يَغْتابه، يقول الحَسن لرجل قال له: لماذا لا تَغْتابُني، أنتَ لستَ عظيمًا حتَّى أُحَكِّمك في حسناتي”ص129″، ورُوى عن الحَسن أنَّ رجلًا قال له: إنَّ فلانًا قد اغْتَابَك، فبَعث إليه رُطبًا على طَبَق، وقال له بَلَغَنِي أنك أَهْدَيت إليَّ من حسناتك، فأردت أن أكافئك عليها، فاعذُرْني فإنِّي لا أقدر أن أكافئك على التَّمام “ص 134.