هجر القرآن هو تركه ، وله صور متعددة ، ولكل صورة حكمها ، فمن هجره جحودا وإنكارا أو استهزاء أو استكبارا فهو كافر يستحق العذاب الأليم في نار جهنم ، وكذلك من لم يعمل به معتقدا أن غيره أفضل منه ، ومن صد الناس عنه ، أو قال فيه قولا سيئا.

أما من هجره بعدم الاستماع إليه بسبب غفلته عنه ، فهو آثم لتقصيره في حق القرآن ، وأما من هجره بعدم تدبره عند استماعه فلا يقطع بكونه آثما وإن كان لا يخلو من تقصير ، لأن المستمع مأجور ، وعليه أن يجاهد نفسه ويتدبر ، لقوله تعالى :(أفلا يتدبرون القرآن

يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
‏(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) ‏ :

يقول تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد أنه قال: ” يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ” وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه كما قال تعالى: “وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه” الآية فكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى لا يسمعونه فهذا من هجرانه.

وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه وترك تدبره وتفهمه من هجرانه.

وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه.
والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه.

وقال الإمام الطبرى في تفسير هذه الآية :
واختلف أهل التأويل في معنى اتخاذهم القرآن مهجورا, فقال بعضهم: كان اتخاذهم ذلك هجرا, قولهم فيه السيئ من القول, وزعمهم أنه سحر, وأنه شعر.(انتهى)

وقد أمر الله المؤمنين بقراءة ما تيسر من القرآن والعمل بما فيه ، فقال تعالى : ( فاقرؤا ما تيسر من القرآن) كما وردت أحاديث كثيرة تحض على ذلك. فعلى المسلم ألا يحرم نفس من بركة القرآن الكريم ، وأن يحذر أن يكون ممن اتخذه مهجورا.