اللغة العربية جزء من هوية المسلم ينبغي أن يحافظ عليها و يعمل على ازدهارها ، والمحافظة عليها هي محافظة على هوية المسلم من الذوبان في المجتمعات فعلى المسلمين الذين يعيشون في أقليات أن يجتهدوا في جعل اللغة العربية هي اللغة الأولى لهم ، على ألا يحرموا أنفسهم من تعلم لغات البلاد التي يسكنوها ، حتى يستطيعوا إدارة شئون حياتهم في هذه البلاد.

يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق -رحمه الله تعالى – رئيس لجنة تحقيق التراث الإسلامي بالكويت :
من الأولويات لكل مسلم في الأرض، وللأقليات المسلمة التي تعيش في الغرب، أن تكون اللغة العربية هي لغتهم الأولى، مهما كانت اللغة التي نشئوا عليها، وذلك أن اللسان العربي يرتبط بالإسلام ارتباطاً عضويا، ولا ينفك عنه، فلا فهم حقيقياً للإسلام إلا بفهم وتعلم اللغة العربية، إذ هي لغة القرآن والسنة، ولغة أمهات الكتب في الدين الإسلامي، ومهما حاولنا ترجمة معاني القرآن، ومعاني السنة إلى لغة أخرى، فإنها لا يمكن أن تقوم مقام العربية في معرفة إعجاز القرآن الكريم، ومرامي وفحوى الحديث النبوي، وحقائق العلوم الإسلامية، ثم إن تعلم اللغة العربية قد أصبح يعني الانتماء إلى أمة الإسلام بعد أن أصبحت العربية شعار الإسلام، ولغة القرآن.

وتعليم ناشئة الإسلام اللغة العربية ستعطيهم المفاتيح لفهم القرآن والسنة، وأحكام الشريعة الإسلامية، وسيجعلهم بالضرورة أعضاء وأجزاء من الجسم الإسلامي.

والجهل بهذه اللغة سيجعل دائماً بين جاهلها والدين الإسلامي حاجزاً وحجاباً، ثم إن الناشئة الذي سيكتفون بلغة غير لغة القرآن ستكون قراءتهم وثقافتهم واطلاعهم في إطار هذه اللغة فقط، وبذلك سينشئون على الثقافة والآداب التي تسود فيها.. ومعلوم أن الثقافات والآداب لجميع اللغات الأخرى ثقافات وآداب غير إسلامية، مما يجعل الفرد يتبع بالضرورة النموذج الآخر، فمن لا يعرف إلا الإنجليزية مثلاً وتصبح هي لغة حديثه، ولغة تعليميه ولغة ثقافته وإطلاعه، فإنه لو كان مسلماً وملتزماً فإن جانباً عظيماً من حياته سيشكله ما يقرأه من هذه اللغة التي كتب آدابها، ومراجعها أناس على غير الإسلام.
والخلاصة:
أن اللغة العربية هي الخطوة الأولى الأساسية نحو الإسلام فهماً وعملاً، وهي ركن أساسي في الولاء للدين، والانتماء إلى أمة الإسلام، وهي عند من يقدرها جانب كبير من الاعتزاز بالإسلام وصدق الانتماء إليه.

ولذلك يجب على الأقليات الإسلامية من أي جنس ولغة أن يتحولوا إلى اللغة العربية لتكون لغتهم الأولى قبل لغتهم القومية وقبل لغة القطر والبلد الذي هاجروا إليه أو وجدوا فيه لسبب أو لآخر.
أهـ

ويقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد:

ذكر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في شأن هذه المشكلة وتبيان خطرها وأثرها والموقف الشّرعي منها كلاما متينا نفيسا هذا نصّه :
” وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم .
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة، واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه .
وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب، فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه.
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق.
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية.
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أما بعد فتفقهوا في السنة ،وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن فإنه عربي.
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم .
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. ” أهـ
وننصح بالإضافة لما تقدّم بما يلي لمن يعيش في المجتمعات الغربية:
1- أن يجاهد المسلمون أنفسهم هم وأهلوهم وأولادهم على أن يتكلموا باللغة العربية في بيوتهم ومنتدياتهم واجتماعاتهم، وأن يكون الوالدان قدوة للأولاد داخل البيت في هذا وأن يتعمّدا عدم إجابة الولد إذا لم يتكلّم باللغة العربية .
2- الحرص على إدخال الأولاد المدارس والأكاديميات العربية ما أمكن ذلك .
3- أن تعيش العائلات المسلمة في تجمعات سكانية ما أمكن حيث يكون المحيط والجيران والبيئة الصغيرة عربية اللغة .
4- الاجتهاد في إقامة دورات لتعليم اللغة العربية، واحتساب الأجر في ذلك، والتقرّب إلى الله به، وكذلك متابعة تعلّم اللغة العربية في الكتب والأشرطة والوسائل التعليمية الحديثة .
5- السماع المستمر للقرآن الكريم المسجّل وأشرطة الدروس والمحاضرات الإسلامية باللغة العربية .