– جاء في كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة لصاحبه الأستاذ عبد الحليم أبو شقة الآتي:
عن عائشة رضي الله عنها أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت ( سهلة بنت سهل), النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: إن سالما بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا, فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة ( وفي رواية وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال: قد علمت أنه رجل كبير), فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة . رواه مسلم.
وعن زينب بنت أم سلمة قالت: قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي ( والأيفع الذي قارب البلوغ ولم يبلغ), فقالت عائشة: أما لك في رسول الله أسوة؟ إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شيء. فقال رسول الله ﷺ: أرضعيه حتى يدخل عليك. رواه مسلم.
قال الحافظ بن حجر: ثبت عند أبي داوود في هذه القصة: أن عائشة كانت تأمر بنات إخوتها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها ويراها وإن كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها. وإسناده صحيح.
وقال ابن تيمية: هذا حديث أخذت به عائشة وأبى غيرها من أزواج النبي ﷺ أن يأخذن به, مع أن عائشة روت حديث:( الرضاعة من المجاعة), لكنها رأت الفرق بين أن يقصد رضاعة أو تغذية فمتى كان المقصود الثاني لم يحرم إلا ما كان قبل الفطام وهذا هو إرضاع الناس عامة, وأما الأول فيجوز إذا احتيج إلى جعله ذا محرم, وقد يجوز للحاجة ما لا يجوز لغيرها وهذا قول متوجه . انتهى.
– أغلب فقهاء العصر إن لم يكن كلهم لا يقولون بهذا- أي أنهم يرون أن المرأة إذا أرضعت شخصا فوق السنتين فإنها لا تصبح أما له –، ولكن هذا لا ينفي أنه رأي لبعض السلف استندوا فيه لأدلة لا يمكن إلغاؤها مهما قيل في توجيهها.
– قد يسأل بعض الناس كيف رضع سالم وهو كبير من امرأة أجنبية عنه ، وكيف التقم ثديها ومسه بفمه ورآه بعينه؟ والجواب أن شيئا من هذا لم يحدث، فقد ورد أنها كانت تحلب له اللبن في إناء فيشرب منه.