من أهم الضوابط التي تطلب في الإعلانات التجارية أن تكون صادقة، وألا تلحق ضررا بالآخرين، وألا يكون هناك استغلالا للعلامة التجارية.

ويوضح هذه الضوابط فضيلة الشيخ حسام الدين عفانة أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين -بقوله:
الإعلانات التجارية عن السلع أمر جائز ومشروع بضوابط سأذكرها لاحقاً لأن الإعلانات تعرف الناس بأنواع السلع والبضائع وتعرفهم على أماكن بيعها وتسهل عليهم أموراً كثيرة . ومن المعروف اليوم أن الإعلان صار فناً قائماً بذاته وله طرقه ووسائله المتقدمة والمتعددة . ولكن يجب على التاجر المسلم ومن يرغب في الإعلان عن سلعه وبضائعه وغير ذلك أن يلتزم بالضوابط التالية حتى يكون إعلانه مشروعاً :

أولا: أن يكون الإعلان سالماً وخالياً من المحظورات الشرعية، فلا يجوز الإعلان عن السلع والأمور المحرمة كالخمور والمخدرات ونوادي القمار وأفلام الجنس ونحوها . كما لا يجوز أن تستعمل في الإعلان وسائل محرمة كظهور النساء العاريات، أو يظهر في الإعلان أناس يشربون الخمر ونحو ذلك .

ثانيا:أن يكون الإعلان صادقاً في التعبير عن حقيقة السلعة لأننا نلاحظ أن كثيراً من الإعلانات التجارية فيها مبالغة واضحة في وصف السلع، وغالباً ما تكون هذه الأوصاف كاذبة وغير حقيقية، ويعرف صدق هذا الكلام بالتجربة .
إن الإعلان الكاذب عن السلع والذي يظهرها على غير حقيقتها يعتبر تغريراً وغشاً وخداعاً وكل ذلك محرم شرعاً في شريعتنا الإسلامية، ويؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل . يقول الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) سورة النساء الآية 29 .
وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول :( مرََّ على صُبرة طعام – كومة – فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال : ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله ، أي المطر . قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ، من غشنا فليس مني ) رواه البخاري ومسلم . وفي رواية أخرى عند مسلم :( من غشنا فليس منا ) .

ويدخل ضمن الغش والخداع أن يذكر في الإعلان أوصاف للسلعة ولا تكون فيها حقيقة . وكذلك إذا كان في السلعة عيب أخفاه المعلن ولم يذكره وباع السلعة مع علمه أنها معيبة .
فقد جاء في الحديث أن الرسول قال :( المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم إذا باع من أخيه بيعاً فيه عيب أن لا يبينه ) رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه وقال الشيخ الألباني : صحيح . إرواء الغليل 5/165 . وعن أبي سباع قال :[ اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسفع ، فلما خرجت بها أدركني رجل، فقال : اشتريت ؟ قلت : نعم . قال : وبين لك ما فيها؟ قلت : وما فيها ؟ إنها لسمينة ظاهرة الصحة . قال : أردت بها سفراً أو أردت بها لحماً ؟ قلت : أردت بها الحج . قال : ارتجعها . فقال صاحبها : ما أردت إلى هذا أصلحك الله تفسد عليَّ . قال : إني سمعت رسول يقول : لا يحل لأحد أن يبيع شيئاً إلا بين ما فيه ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه ) رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله :( من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار ) رواه ابن حبان والطبراني وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني ، إرواء الغليل.

ثالثا: أن لا يترتب على الإعلان عن السلعة إلحاق الضرر بسلع الناس الآخرين كأن يذم الأصناف المشابهة . انظر الإعلان ص 96-98 . لأن هذا من الضرر الممنوع شرعاً وقد صح عن الرسول أنه قال :( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد وابن ماجة والطبراني، وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني ، السلسلة الصحيحة .

رابعا:كما لا يجوز استغلال التشابه في الاسم التجاري أو العلامة التجارية من أجل التغرير بالمستهلكين وإيهامهم بأن سلعته مماثلة لتلك السلع المشهورة والمعروفة . وينبغي أن يعلم أن النصح واجب في المعاملة وقد ثبت في الحديث أن الرسول قال :( الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .

وقد بين الإمام الغزالي ضوابط النصح المأمور به في المعاملة وهي :
1.
أن لا يثني على السلعة بما ليس فيها لأن ذلك يعد كذباً، ولا بأس أن يذكر الصفات الحقيقية الموجودة في السلعة من غير مبالغة .

2. أن يظهر جميع عيوب المبيع، ولا يكتم منها شيئاً فذلك واجب، فإن أخفى شيئاً من العيوب كان ظالماً غاشاً، والغش حرام، وكان تاركاً للنصح في المعاملة، والنصح واجب .

3. أن لا يكتم من مقدار السلعة شيئاً وذلك بتعديل الميزان والمكيال والاحتياط في ذلك . قال الله تعالى :( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) سورة المطففين الآيات 1-3 .

4. أن يصدق في سعر الوقت، ولا يخفي منه شيئاً . ثم قال الغزالي بعد ذلك :[ فليس له أن يغتنم فرصة وينتهز غفلة صاحب المتاع، ويخفي من البائع غلاء السعر، أو من المشتري تراجع الأسعار فإن فعل ذلك كان ظالماً تاركاً للعدل والنصح للمسلمين ] انظر إحياء علوم الدين.