ورد في كتاب فتاوى شرعية لفضيلة الشيخ عبدالحميد كشك -رحمه الله تعالى- حول نعيم الجنة:
الجنة هي دار الثواب والنعيم المقيم، فيها الحور العين، والولدان، ولحم الطير، والفواكه والأنهار الجارية من الماء واللبن والعسل والخمر والسُّرر والحرير والذهب، وما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
-فقد قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً”.
-وقال تعالى: “وَأُزْلِفَتُ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين”.
أي قُرِّبت لهم بحيث يشاهدونها في الموقف، ويعرفون ما فيها فتحصل لهم البهجة والسرور.
-وقال عز وجل: “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى”
-وقال سبحانه: “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين”.
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله تعالى: “أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”.
-قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرءُوا إن شئتم: “فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ…” (أخرجه الشيخان والترمذي وابن ماجه وزاد البخاري في رواية: وقال محمد بن كعب: إنهم أخفوا لله عملاً فأخفى لهم ثوابًا. فلو قدموا عليه، أقرّ تلك الأعين).
ما هو بناء الجنة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: الجنة ما بناؤها؟
قال: “لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم” (الحديث أخرجه أحمد والدرامي والبزار وابن حبان والترمذي).
كيف يكون حال أهل الجنة
-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب درِّي في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة (المجامر: ما يُوضَعُ فيه الْجَمْرُ مع البَخُور، والألوة: ِنبتة)، أزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء” (أخرجه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه).
-وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي”.
(أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي والترمذي وقال: حسن غريب)
وقد اختلف أهل العلم في هذا. فقال بعضهم: في الجنة جماع ولا يكون ولد.
وقال محمد يعني البخاري: وقد روى عن أبي رزين العقيلي عن النبي ﷺ قال: “إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد”.
-وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ذات يوم لأصحابه:
ألا مشمر للجنة ؟ فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة كثيرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة في مقام أبدًا، في حبرة (نعمة وسعة عيش) ونضرة في دور عالية سليمة بهية، قالوا: نحن المشمِّرون لها يا رسول الله، قال: “قولوا إن شاء الله”، ثم ذكر الجهاد وحضَّ عليه” (أخرجه ابن ماجه وابن حبان).
هل يوجد في الجنة سوق
عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة فقال أبو هريرة رضي الله عنه: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة قال سعيد: أو فيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله ﷺ أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون الله عز وجل، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم – وما فيهم دنيء – على كثبان المسك والكافور ما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسًا.
هل نرى ربنا يوم القيامة
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قلت يا رسول الله ﷺ هل نرى ربنا؟
قال ﷺ: “نعم، هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ قلنا: لا.
قال: كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم عز وجل. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله عز وجل محاضرة حتى إنه يقول للرجل منكم: ألا تذكر يا فلان يوم عملت كذا وكذا؟ ويذكره بعض غدراته في الدنيا (ترك الوفاء والمراد بها المعاصي)، فيقول يا رب أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه.
فبينما هم كذلك غشيتهم سحابة من وفوقهم، فأمطرت عليهم طيبًا لم يجدوا مثل ريحه شيئًا قط. ثم يقول: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم.
قال: فنأتي سوقًا قد حفَّت به الملائكة. فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب. قال: فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيها شيء ولا يشترى، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضًا.
فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه – وما فيهم دنيء – فيروعه ما يرى عليه من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحبًا وأهلاً لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه، فنقول: “إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا”.
(أخرجه ابن ماجه والترمذي وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفيه عبد الحميد كاتب الأوزاعي مختلف فيه وبقية رجاله ثقات).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم، واثنتان وسبعون زوجة، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء” (أخرجه الترمذي)
أقل الناس نعيمًا يوم القيامة
عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: “آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الله الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله تعالى شيئًا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بها وأشرب من مائها”.
فيقول الله: يا بن آدم لعلي إن أعطيتكها تسألني غيرها.
فيقول: لا يا رب ويعاهده ألا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها، ويشرب من مائها.
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى. فيقول: يا رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها.
فيقول: يا بن آدم ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟ لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها: فيعاهده ألا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين. فيقول: يارب أدنني لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. قال: بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه يدنيه.
فإذا أدني منها سمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلني الجنة. فيقول: يا بن آدم ما يصريني منك (الصري هو القطع؛ والمعنى : أي شيء يرضيك ويقطع السؤال بيني وبينك) أيرضيك إن أعطيتك قدر الدنيا ومثلها معها؟ فيقول: يا رب أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟
فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألني مم ضحكت؟ فقيل: مم تضحك؟ فقال: هكذا ضحك رسول الله ﷺ، فقيل: مم تضحك؟ فقال: من ضحك رب العالمين، حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا استهزئ بك، ولكني على ما أشاء قادر”. [أخرجه أحمد ومسلم]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “ما منكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار؛ فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: “أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُون”. [سورة المؤمنون: 10]. [أخرجه ابن ماجه].