عمارة المساجد بالمبنى

عمارة المساجد يُقصد بها إقامتها وتهيئتها بالنظافة والخِدمة وغيرها لأداء العبادة، كما قال سبحانه : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه” [سورة النور: 36].
وقد كان العرب يُعمِّرون المسجد الحرام بالخِدْمَةِ والسِّقاية والحِجَابة، ويعتقدون أنها أفضل من الإيمان برسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لَا يَهْدي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة التوبة : 19].
وهذه عِمَارة في المبنى، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة ترغِّب فيها.

عمارة المساجد بالمعنى

أما عِمارة المعنى فتكون بالتردُّد عليها وإقامة الجماعات والجُمع والاعتكاف فيها، وغير ذلك من الأنشطة الدينية، كما قال تعالى : (إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة التوبة : 18].
وقد نهى الإسلام عن تخريب المساجد إما بهدمها وإما بإغْلاقها حتى لا تُقام فيها الشَّعَائِر، وإما بإهمال نظافتها، قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) [سورة البقرة: 114].

وفي الحديث : “ابنوا المساجد وأَخْرِجُوا القِمامة منها، فمن بني لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة، وإخراج القمامة منها مُهور الحُورِ العِين”. (رواه الطبراني).
والتخريب للمساجد بمَعْنَييه المادي والأدبي أشار إليه القُرطبي في تفسيره فقال: خراب المساجد قد يكون حقيقيًا كتخريب بُخْتنَصْر والنَّصارى بيت المَقْدِس، ويكون مجازًا كمنع المشركينَ للمسلمين حين صَدوا رسول الله عن المسجد الحرام.
وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خرابٌ لها. (جـ 2 صـ 77).