يقول الدكتور القرضاوى فى مثل هذه المسألة
الأصل في العبادات وبخاصة العبادات البدنية أن يؤديها الإنسان نفسه، فإذا لم يؤدها بنفسه أمكن أن يؤديها أولاده من بعده، فقد قال ﷺ: “إن أولادكم من كسبكم” ولد الإنسان جزء منه، وهو جزء من عمله، يعتبر امتدادا له بعد وفاته، كما جاء في الحديث: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
فالولد الصالح هو امتداد لحياة أبيه وامتداد لوجوده. ومن هنا يجوز للأولاد أن يؤدوا الحج عن آبائهم. فإذا لم يؤدوا أمكنهم أن يوكلوا من يؤدي عنهم، وقد سألت امرأة النبي ﷺ أن أباها أدركته فريضة الله في الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستقل على الراحلة، ومات، أفتحج عنه؟ قال: “نعم. حجي عنه”. وامرأة أخرى -كما ورد في حديث ابن عباس– سألت النبي ﷺ: أتحج عن أمها وقد نذرت أن تحج لله وماتت؟ فقال: “حجي عنها، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته؟” قالت: نعم. قال: “فاقضوا. فالله أحق بالوفاء”.
وفي رواية: “فدين الله أحق أن يقضى”.
فكما أن للولد أن يقضي دين أبيه في الشئون المالية، كذلك في هذه الشئون الروحية، وشئون العبادة، فتستطيع البنت، ويستطيع الولد أن يحج عن أبيه، أو على الأقل يوكل من يحج عنه، على أن يحج عنه من بلده، من البلد الذي كان عليه أن يحج منه، إذا كان من قطر مثلا، فإذا وكل أحدا، فليحج من قطر لا من سواها، وإذا كان من الشام يحج من الشام، وهكذا… إلا إذا عجزت مالية المتوفى -إذا كان سيحج من ماله- فمن حيث أمكن تحقيق هذا…
فإذا كان الولد هو الذي سيوكل من يحج من ماله الخاص، فعلى حسب ما يمكن من ماله.
ومن حج عن الغير، فيشترط أن يكون قد حج عن نفسه أولا.