أوجب الله ـ سبحانه وتعالى ـ الزكاة على الثروة الزراعية بقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخَلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّه يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (سورة الأنعام : 141) وبقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأرْضِ) (سورة البقرة : 267).

الأصناف التي تجب فيها الزكاة:

اختلفت آراء الفقهاء الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في الأصناف التي تجب فيها الزكاة:

-فأوجبها أبو حنيفة في كلِّ ما تنبته الأرض ما دام قد قُصد بزراعته استغلالها: ولم يَسْتَثْن من ذلك إلا أنواعًا قليلة كالحطب والشجر الذي لا ثمر له. وعلى رأيه تجب الزكاة، في القصب والمُوز والطماطم.

-أما صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا مايبقى سنة بلا علاج كبير وفيه زكاة، وما لا يبقى سنة كالبطيخ والخيار فلا زكاة فيه.

-والإمام مالك حَصَرَ الزكاة فيما يبقى وييبس ويستنبته الآدميون، ولم يوجب الزكاة في الخضروات والفواكه الطرية كالتين والرُّمَّان والمَوْز.

-وقال الشافعي كقول مالك في عدم الزكاة في هذه الأصناف.

-وأحمد بن حنبل لا يوجب الزكاة فيما لا يبقى ولا ييبس.

فلا زكاة في الخُضَر والفواكه الطرية.

هل تجب الزكاة في القصب والموز والطماطم:

بعد عرض هذه الأقوال نرى أن جمهور الفقهاء لا يوجبون الزكاة في القصب والموز والطماطم، وأوجبها أبو حنيفة بناء على عموم قوله تعالى في الآية السابقة: (وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ) وعموم الحديث الذي رواه البخاري “فيما سَقَتِ السماء والعيون العُشْر، وفيما سُقي بالنضح نصف العُشْر” واستند الجمهور إلى أحاديث وآثار تحصر الزكاة في أصناف مُعينة مما يقتات ويُدخر.

حكم الزكاة في الخضروات والفواكه بكافة أنواعها:

وإذا كانت زراعة الخضراوات والفواكه الأخرى غير التمر والزبيب قد كثرت وصارت تدر ربحًا كبيرًا، فهل من سُلطة ولي الأمر أن يفرض فيها الزكاة مراعاة للصالح العام؟

إن وعاء الزكاة على النحو المذكور موضع اجتهاد من الفقهاء، وللفرد أن يختار منها ما يشاء، لكن لو رأى ولي الأمر اختيار مذهب أبي حنيفة في جمع الزكاة من الخضراوات وسائر الفواكه وسائر الزروع، مراعاة للمصلحة العامة، جاز له ذلك وعلينا أن نطيع أمره فهو ليس في معصية، وهو يحقق المصلحة التي يراها الخبراء والمختصون على أساس من الشورى واستهداف الخير العام.