كتابة الآيات المنسوخة بخط مختلف في المصحف أمر لا يمكن ضبطه في عصرنا، وذلك لأن تحديد الآيات نفسه مختلف فيه، كما أن كثيرا من العلماء أنكر النسخ .

يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :

لا أوافق على فكرة تخصيص الآيات المنسوخة بعلامة خاصة بها، فهذا يدخلنا في متاهة لا نحسن الخروج منها.

والسؤال: كيف نحدد الآيات التي قيل بنسخها، وهناك خلاف كبير بين العلماء في عدد الآيات المنسوخة وفي تعيينها.

وقد رأينا من المفسرين ومن المهتمين بعلوم القرآن من قالوا: إن (آية السيف) قد نسخت مائة وعشرا من الآيات القرآنية! هذا مع أنهم اختلفوا في آية السيف نفسها: أي آية هي؟

ولقد حاول الإمام السيوطي أن يقلل من الآيات المنسوخة، فأوصلها إلى نحو من عشرين، ومع هذا لا تسلم له هذه العشرون التي ذكرها من القول بنسخها. فمعظمها لا يؤيده الدليل القوي. والأصل عدم النسخ، لأن الله تعالى أنزل كتابه ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويهديهم للتي هي أقوم، ولا يجوز ادعاء نسخ آية منه ـ أي إبطال العمل بها ـ إلا بيقين عندنا فيه من الله برهان.

ومن العلماء قديما من أنكر وجود النسخ في القرآن مثل أبي مسلم الأصفهاني، الذي نقل الفخر الرازي آراءه في تفسيره الكبير، وبدا في كثير من الأحوال كأنما يميل إلى رأيه.

وفي عصرنا أنكر الشيخ الإمام محمد عبده النسخ في القرآن، ومال إليه تلميذه العلامة رشيد رضا.

فمثل هذا الأمر المختلف فيه لا يجوز أن يدخل المصحف الذي يقرأه الناس، فيشوش عليهم فكرهم، وتغدو سببا لاختلافهم، والأصل في القرآن: أن يجمع لا أن يفرق. وفي الحديث الصحيح: ” اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم “.

ورأيي: أن نسد هذا الباب في المصاحف، حتى لا يأتي كل ذي اختصاص، فيريد أن يشير إلى الآيات التي في اختصاصه بعلامة، فهذا يشير إلى الآيات الكونية، وآخر إلى الآيات التشريعية، وآخر إلى الاقتصادية، ورابع إلى النفسية.. وهكذا.

إن المسلمين الأوائل ما أدخلوا النقط والشكل في المصحف إلا بعد أخذ ورد، مع وضوح الضرورة إليهما، فلا ينبغي التوسع فيما يدخل المصاحف، حفظا لها من التلاعب، ومن التشويش. أ.هـ