عقد الإيجار لا يجوز أن يكون على التأبيد بل لا بد من تحديد مدة يتفق عليها الطرفان مهما طالت، والقوانين التي تحرم المؤجر من أن يكون له هذا الحق قوانين جائرة، لأن فيها ظلما يقع على المؤجر حيث ينتفع غيره بملكه وقد يكون هو في حاجة ماسة إليه، ولذلك فلا بد أن يتم الأمر بالتراضي حتى لا يكون هناك ظلم يقع على أحد.
يقول فضيلة الدكتور عبد العزيز عزام-أستاذ الفقه بجامعة الأزهر-رحمه الله-:
إن الله ـ تعالى ـ أمر بالعدل، ونهى عن الظلم، فقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) النحل :90، وقال: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) النساء :58، وأجمع المسلمون على تحريم أكل أموال الناس بالباطل، كما أجمعوا على تحريم الظلم بكل صوره وألوانه، ورتب الشارع الوعيد الشديد على أكل أموال الناس بدون حق،
وقال ﷺ: “من أخذ من الأرض شيئًا بغير حق خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين. وفي رواية: “من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا فإنه يطوق يوم القيامة من سبع أرضين. فهذا وعيد لكل من يعتدي على أموال الناس، ويأخذها بغير وجه حق، وقال عليه الصلاة والسلام: “على اليد ما أخذت حتى تؤديه”. ولهذا وجب على المسلم أن يعدل في قوله وحكمه، ويتحرى العدل في كل شأن من شؤونه حتى يكون العدل خلقًا له، ووصفًا لا ينفك عنه، لا يميل به هوى، ولا تجرفه شهوة أو دنيا، ويستوجب محبة الله ورضوانه وكرامته وإنعامه، فإنه سبحانه وتعالى أخبر أنه يحب المقسطين العادلين، وأخبر رسول الله ـ ﷺ ـ عن كرامتهم عند ربهم بقوله: “إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا”.
فإن من الظلم البين أن يمنع الإنسان من التصرف في ملكه، وأن يحرم منه نهائيًّا، ولو كان غيره في أشد الحاجة إليه، وأن يجد غيره يتمتع به في مقابل أجر زهيد لا يسمن ولا يغنى من جوع لمجرد أن قانون الإيجار يعطي للمستأجر هذا الحق، وهو قانون فيه ظلم كبير، وإجحاف بالمالك، والشرع لا يرضى بذلك، ولا يقره؛ لأن عقد الإيجار ليس مؤبدًا، بل هو مؤقت، ويتجدد برغبة المالك، وبالإيجار الذي يرضاه ويناسبه.
فمن أراد الخير لنفسه والسلامة في دينه، فليحاول أن يتراضى مع المالك، وأن يتعرف على ما في نفسه، وأن يزيده في الإيجار بالقدر الذي تسمح به ظروفه حتى تبرئ ذمته، ويرضي ربه، والله يوفقه لما فيه رضاه.