لا حرج في شراء البضائع المهربة من الجمارك؛ لأن دفع الرسوم الجمركية ليس شرطا في عقد البيع ولا ركنا من أركانه، ولكن من اشتهر ببيع البضائع المهربة الأولى ترك معاملته حتى لا نعينه على معصيته، لأن الرسوم الجمركية ملك لجميع المسلمين وتصرف في مصالح المسلمين.

هل يجوز شراء بضائع من يدفع رشوة للتهرب من الرسوم الجمركية

يقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث-:
يجوز شراء السلع من هذا المستورد الذي يدفع الرشوة للتهرب من الرسوم الجمركية. لأن إثم الرشوة يبقى في ذمته، وهو يملك السلع التي يبيعها ملكاً شرعياً، فلا حرج في الشراء منه إن شاء الله، حتى وإن كان يشتري السلع بقرض ربوي، يجوز الشراء منه، لأنه يتملك البضاعة بموجب العقد الذي اشتراها به، فيجوز له أن يبيعها، أما إثم القرض الربوي الذي اشترى البضاعة به فهو يتعلق بذمته فقط، وليس بالسلع التي اشتراها.

ويجوز أن يدفع له الثمن نقداً أو مؤجل إلى ما بعد البيع حسب الاتفاق. لكن يجب التوقف عن التعامل مع هذا المستورد حتى يترك دفع الرشوة والاقتراض بالربا، وهذا الواجب من باب النهي عن المنكر. ومخالفة هذا الواجب توقع في إثم شرعي، لكن هذا الإثم لا يؤثر على صحة الشراء والبيع إذا تم. وقد توجد ظروف تجعل المسلم معذوراًَ في الشراء من هذا المستورد. انتهى..

هل يجب على المشتري البحث عن كيفية تملك البائع البضاعة

يقول عصام الشعار –الباحث بكلية الشريعة جامعة الأزهر-:
ابتداء المشتري ليس مطالبا بأن يفتش عن كيفية وصول هذه البضاعة إلى المحل الذي يشتري منه، وسؤاله عن ذلك من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ولكن لو علم المشتري بطريق أو آخر أن هذه البضائع مهربة من الجمارك فلا حرج عليه وشراؤه لهذه البضائع المهربة صحيح، ولكن من اشتهر ببيع الأشياء المهربة من الجمارك الأولى ترك معاملته حتى لا نكون عونا له على معصيته، لأن الرسوم الجمركية تذهب إلى خزانة الدولة ومن ثم فهي ملك لكل المسلمين، وتصرف في مصالح المسلمين.

شروط صحة عقد البيع

الموسوعة الفقهية الكويتية بتصرف يسير تتخلص في الآتي :
1- أن يكون المبيع موجودا عند العقد فلا يصح بيع المعدوم باتفاق الفقهاء، ومن أمثلة بيع المعدوم بيع الملاقيح – وهو ما في بطون الأجنة- وبيع المضامين – وهو ما سيوجد من ماء الفحل- وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما – “نهى رسول الله –- عن بيع الملاقيح والمضامين وحبل الحبلة”، ولا خلاف في استثناء بيع السلم فهو صحيح وذلك للنصوص الواردة فيه , ومنها : “نهى رسول الله عن بيع ما ليس عند الإنسان , ورخص في السلم”.
2- أن يكون المبيع مالا وعبر المالكية والشافعية عن هذا الشرط بلفظ النفع أو الانتفاع وقالوا: ما لا نفع فيه ليس بمال فلا يقابل به , أي لا تجوز المبادلة به ، وهذا الشرط من شروط الانعقاد عند الحنفية, فما ليس بمال ليس محلا للمبادلة بعوض, والعبرة بالمالية في نظر الشرع , فالميتة والدم المسفوح ليس بمال.
3- أن يكون المبيع مملوكا لمن يلي العقد: وذلك إذا كان يبيع بالأصالة، واعتبر الحنفية هذا الشرط من شروط الانعقاد, وقد استدل لعدم مشروعية بيع ما لا يملكه الإنسان بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه : { لا تبع ما ليس عندك } وفي بيع الفضولي خلاف بين الفقهاء.
4- أن يكون المبيع مقدورا على تسليمه “لنهي النبي عن بيع الغرر”، فلا يصح بيع سمك في الماء أو بعير شارد، وهذا الشرط من شروط الانعقاد عند الحنفية .
5- أن يكون المبيع معلوما للمتعاقدين فلا يصح بيع المجهول. أ.هـ
والذي يشتري بضاعة مهربة من الجمارك فالحكم بصحة البيع يتوقف على معرفة انطباق الشروط السابقة، فإذا توافرت كان العقد صحيحا، أما تهرب البائع من الضرائب فلا أثر لذلك على صحة العقد، وتهرب البائع من الجمارك لا يخرج المبيع عن ملك البائع.