اهتزاز عرش الرحمن لموت سيدنا سعد بن معاذ إنما هو تكريم له ، لأنه أبلى بلاء حسنًا في غزوة الخندق حيث خرج إلى العدو وهو ينشد:
” … لا بأس بالموت إذا حان الأجل ”
فأصابه سهم العدو في ذراعه التي لم يغطها الدرع، فقال:
اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهد ؛ من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني في بني قريظة ، وأمر له الرسول بخيمة يعالج فيها، وقال الرسول عند استقباله “قوموا إلى سيدكم” ، وحكم ـ رضي الله عنه ـ في بني قريظة بقتل جنودهم وسبي ذراريهم فقال: الرسول “حكمت بحكم الملك” ولم تأخذه الرحمة وصلة الولاء أن يخفف عنهم.

ولما انفجر عرقه بالدم احتضنه الرسول فجعل الدم يسيل عليه، وبكاه أبو بكر وعمر، ولما دفنه الرسول ـ ـ وانصرف جعلت دموعه تنزل على لحيته، ولما رأى أم سعد تندبه قال ” كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد” ولما حملت جنازته قال المنافقون: ما أخف جنازته، وذلك لحكمه في بني قريظة، فقال “إن الملائكة كانت تحمله”.

ذلك إلى جانب موقفه يوم بدر عندما استشار النبي أصحابه، فقال ـ رضي الله عنه ـ قولا عظيمًا يدل على حبه للرسول ـ ـ وعلى شجاعته وشوقه إلى الشهادة.