لا يجب على الزوجة أن تخدم أهل زوجها، ولكن من يخدمهم؟ إنه زوجها نفسه، ولكن إذا قامت الزوجة بهذا تفضلا من عندها فهي مأجورة.
وقد كانت خير النساء في زماننا السالف يقمن بخدمة أزواجهن وأهلهم تطوعا،ففي البخاري وغيره أن رسول الله ﷺ سأل جابربن عبد الله حينما تزوج فقال ( تزوجت)؟ قلت: نعم، قال: (بكرا أم ثيبا)، قلت: بل ثيبا، قال: (أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك)، قلت: إن لي أخوات، فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن، وتقوم عليهن).
فقد فهم جابر أن من حق زوجته أن تتفرغ لشأن آخر غير خدمة أهل زوجها، وهذا الحق يتمثل في أن تعيش أنثى يلاعبها زوجها، وتلاعبه، ويلاطفها، وتلاطفه، بل في رواية الطبراني أن النبي ﷺ قال له (وتعضها وتعضك ).
وعلى الزوج الذي له أهل يحتاجون للرعاية أن يختار مرأة تحب الفضل ، ولا تقف عند الواجبات فقط ، فلما عرف جابر أنه ربما قصر في ذلك، وأن أباه قد ترك له أخوات يحتجن للرعاية اختار واحدة تقبل بذلك، اختار ثيبا كبيرة قد رغبت عن حياة الفتيات، ونزعت إلى حاجة الأمومة، فكأنه جلب لهم أما، ولم يختر فتاة يظلمها، ويزج بها إلى خدمة أهله، وفي نفسها نوازع أخرى تعلمها كل شابة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر معقبا على هذا الحديث :-
فيه مشروعية خدمة المرأة زوجها ومن كان منه بسبيل من ولد وأخ وعائلة، وأنه لا حرج على الرجل في قصده ذلك من امرأته، وإن كان ذلك لا يجب عليها، لكن يؤخذ منه أن العادة جارية بذلك، فلذلك لم ينكره النبي ﷺ.
هل لأم الزوج حق على الزوجة:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
أم الزوج ليس لها حق واجب على الزوجة بالنسبة للخدمة ؛ لكن لها حق من المعروف ، والإحسان ، وهذا مما يجلب مودة الزوج لزوجته ، أن تراعي أمه في مصالحها ، وتخدمها في الأمر اليسير ، وأن تزورها من حين لآخر ، وأن تستشيرها في بعض الأمور ، وأما وجوب الخدمة فلا تجب ؛ لأن المعاشرة بالمعروف تكون بين الزوج والزوجة .انتهى
فيجب على الزوج أن يقف عند الحكم الشرعي ، ولا يطلب من الزوجة ما لا يلزمها شرعا ، وعليه أن يعلم أنه لا طاعة له عليها لو أنه أمر زوجته بخدمة أهله ؛ لأن أمره ذاك ليس من شرع الله تعالى .
-ونوصي الزوجة أن تسعى جاهدة لإنهاء أي نزاع بينها وبين والدة زوجها ، وعليها أن تعلم أن هذا يجلب السعادة لها ، ولجميع أفراد أسرتها ، وقد يأتي عليها زمان تحتاج فيه لخدمة زوجات أبنائها ، فلعلها إذا احتسبت خدمة أم زوجها لله تعالى أن ييسر الله تعالى من زوجات أبنائها من تقوم على خدمتها ، والعناية بها .
-وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته ، وليس له أن يربط علاقته بزوجته بعلاقتها بأهله ، وأن عليه هو مسئولية جسيمة في التوافق والترابط بين زوجته وأهله ، وأن مثل هذه العلاقات الودية لا تأتي بالأوامر للزوجة بخدمة أهله ، بل يكون ذلك بالتودد ، والتلطف معها ، مع وجود جو من المحبة.
هل الزوجة ملزمة بخدمة أهل الزوج:
يقول الشيخ ابن باز– رحمه الله تعالى-:
خدمة المرأة لزوجها وأهل زوجها أمر يختلف بحسب العرف في البلاد، وكان أزواج النبي ﷺ يخدمن بيوتهن، وكانت فاطمة رضي الله عنها تخدم بيتها، في الطحن والعجن والخبز وغير ذلك؛ وكنس البيت ونحو ذلك، فالذي ينبغي على المرأة أن تخدم زوجها وتخدم البيت، وإذا كان في البيت أم الزوج أو أخواته، فالمشروع لها أن تخدمهن إذا كان العرف في بلادها كذلك.
أما إذا كان العرف في الأسرة أو في البلد أو في القبيلة التي هي فيها، أنها لا تقوم بالخدمة هي، بل يستجلب لها خادمة، فإنه لا يلزمها وعلى الزوج إذا استطاع أن يأتي بالخادمة إلا أن تسمح بالخدمة، وتقوم بها من غير جبر لها فقد أحسنت في ذلك.
هل استقلال الابن في السكن عن أمه يعد عقوقا:
إذا استطاع أن يرضي والدته وينتقل في بيت مستقل فلا حرج عليه، إلا أن تأبى والدته أن يخرج؛ إذا كانت محتاجة إليه أو لأسباب أخرى فلا ينبغي الخروج؛ لأن برها واجب، وطاعتها مهمة، وقد يكون إخوته الذين في البيت لا يقومون مقامه، ولا يسدون مسده.
فينبغي للإبن أن يلاحظ أمه، ويستشيرها، فإذا سمحت له فلا مانع من خروجه في بيت مستقل.
أما إن كانت محتاجة إليه، أو كان هناك أسباب تدعو إلى عدم سماحها بخروجه فلا يخرج، بل يصبر ويحاول التوفيق بينها وبين زوجته ويرضي الزوجة بما يستطيع ولو بالمال حتى تسير الأمور على الوجه المطلوب ولا يخسر أمه بسبب زعلها عليه وغضبها عليه.