صيام رمضان من أهم الأركان التى بنى عليها الإِسلام ، وكان من رحمة الله تعالى أن خفف عن ذوى الأعذار فأباح لهم الفطر ما دام العذر قائما، على أن يصوموا قضاءً ما أفطروه كما قال سبحانه { فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} البقرة :185 .
ولذلك حذر النبى ﷺ من التهاون فى أداء هذه الفريضة فقال فيما رواه الترمذى وأبو داود والنسائى وابن ماجه وابن خزيمة فى صحيحه “من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه” بل جاء التحذير من التعجل بالفطر قبل موعده فقد روى ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما أن النبى ﷺ رأى فى النوم -ورؤيا الأنبياء حق- قوما معلقين بعراقيبهم مُشققةً أشداقهم تسيل دما ، وهم الذين يفطرون قبل تحلة الصوم ، أى قبل الإفطار، والذى يساعد المفطر على فطره من غير عذر شريك له فى الإثم ، فما أدى إلى الحرام يكون حراما كما أن تقديم طعام أو شراب له باختياره دليل رضائه عن فعله ، والراضى بالمعصية عاصٍ كما قرر العلماء ، وكما نص الحديث على لعن شارب الخمر وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.
والذى يملك محلا لبيع مأكولات أو مشروبات قد تتناول بعيداً عنه أو تُعَدُّ لتناولها فى وقت يحل فيه تناولها ، لا وجه لمنعه من ذلك ما دام لم ير المنكر يرتكب أمامه بتناول المشترى له فى نهار رمضان ، والواقع يقضى بتيسير حصول الناس على ما يحتاجون ، والإِثم عليهم فى سوء استعمال ما يقع تحت أيديهم ، أما الذى يملك مطعما يتناول فيه الناس غذاءهم ، أو مقهى تتناول فيه المشروبات ، فإن كان ذلك التناول فى نهار رمضان ، وتأكد أن متناوله مفطر لا عذر له فى الإِفطار كانت مساعدته على ذلك محرمة ، وإذا كانت معرفة المعذور وغير المعذور متعسرة فى المجتمع الكبير الذى يجمع أخلاطا متنوعة قد تنتحل فيه الأعذار فالأفضل عدم القيام بهذا العمل نهارا ، وفى ممارسة نشاطه ليلا متسع له دون حرج.
ذلك أن تيسير تناول الطعام والشراب فى هذه الأماكن فى نهار رمضان فيه إغراء بالفطر وفيه تشويه لسمعة المجتمع الإِسلامى الذى يجب أن يراعى حرمة هذا الشهر الكريم ، والمتقون لربهم يستعدون قبل رمضان بما يغنيهم عن العمل فيه من أجل العيش ، ليتفرغوا للعبادة أو لمزاولة عمل آخر، والليل كله مجال واسع للعيش الكريم.