سماع الموسيقى والغناء حرام في شريعة الإسلام، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [سورة لقمان] و”لهو الحديث” فقد قال أكثر العلماء إنه الغناء، ويضاف إليه أصوات الملاهي كالطنبور والعود والكمان وشبه ذلك، فهي كلها تصد عن سبيل الله وتقسي القلوب وتمرضها.
والقلب إذا أمر بالأغاني وكثر سماعه لها فإنها تصده عن الحق وتسبب له أمراضا خطيرة وتثاقل عن طاعة الله ورسوله وعن سماع القرآن والمواعظ حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : “إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع”.
وقال النبي ﷺ: “ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف” فقد أخبر ﷺ أنه يكون في آخر الزمن قوم يستحلون المعازف وهي محرمة، والمعازف هي الأغاني وآلات اللهو.
ما هي أدلة تحريم الغناء والموسيقى
أدلة تحريم الغناء والموسيقى من القرآن:
-قال الله تعالى في سورة لقمان : ( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍۢ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء.
-قال الله تعالى في سورة الإسراء: ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ).
عن مجاهد رحمه الله تعالى قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله.
-قال الله تعالى في سورة النجم: ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ).
قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره وقوله تعالى ” وأنتم سامدون ” قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة .
أدلة تحريم الغناء والموسيقى من السنة:
-قال رسول الله ﷺ : ” ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. ” الحديث ، رواه البخاري ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
1- قوله ﷺ : ” يستحلون ” ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة.
2- قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها.
أقوال العلماء في الغناء والموسيقى:
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي ﷺ أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير.
-قال ابن القيم رحمه الله : مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة.
-قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله.
-قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله.
-قال ابن القيم رحمه الله : وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق.
حكم صنع آلات اللهو
قال ابن تيمية رحمه الله : لا يجوز صنع آلات الملاهي، وقال: آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد.
وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا – أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له – .
وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها.
هل يجوز استعمال الدف
يجوز استعمال الدف بغير الخلخال في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : رخص النبي ﷺ في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : ” التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ” ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا.
ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان – أي صغيرتان – تغنيان – فقال أبو بكر رضي الله عنه : ” أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله ﷺ ” وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط – فقال رسول الله ﷺ : ” دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام ” فالنبي ﷺ أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال ” دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا .