إذا كانت المسافة بين المدينتين تسمى سفرا عرفا، فيجوز القصر ، وهو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واختلف العلماء في الجمع في السفر فأجازه بعضهم ، ومنعه آخرون ، والأحوط عدم الجمع لأنه رخصة مختلف فيها ، بخلاف القصر فهو سنة ثابتة.

يقول الدكتور وهبة الزحيلي-رحمه الله تعالى- في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته :-

يجب على المسلم أن يتم الصلاة إذا انتقل من محل الإقامة الدائمة إلى موطن آخر له فيه زوجة ، أو إلى محل الميلاد الذي بقي له فيه أهل _ أي زوجة- مثل الريف والعزبة ، فمن كان موظفا أو مقيما في دمشق مثلا ثم سافر إلى قريته الأصلية في الريف لزيارة أهله أتم الصلاة ، سواء أكانت المسافة تساوي مسافة القصر أم لا، لأنه في هذه الحالة يكون له موطنان ، وكل منهما وطن أصلي له.

فإن لم يبق له أهل في الريف ، وإن بقي فيه عقار ( أرض أو دار ) قصر الصلاة ، لأن محل الميلاد ، وإن كان وطنا أصليا له ، إلا أنه يبطل بمثله وهو مقر عمله ، وبه يتبين أن الوطن الأصلي للإنسان يبطل إذا هاجر بنفسه وأهله ومتاعه إلى بلد آخر ، فإن عاد إلى بلده الأول لعمل مثلا ، وجب عليه قصر الصلاة ، فالوطن الأصلي يبطل ، إذا اتخذ الإنسان بلدا آخر وطنا له ، بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة كان يعتبر نفسه من المهاجرين إذا دخل مكة . انتهى بتصرف .