بحثنا في كتب السنة و الآثار عن تحول المساجد يوم القيامة إلى الصراط المستقيم فلم نجد أحداً أشار إلى هذا المعنى من قريب أو بعيد .
ما هو مصير الأرض بعد يوم القيامة؟
المعهود والمعروف أن أرض الدنيا مصيرها إلى زوال يقول تعالى :{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
وأن كل ما عليها سوف يدمره الله ، وسوف تصيبه الزلازل حتى الجبال الرواسي سوف ينسفها الله يوم القيامة يقول تعالى في سورة طه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا).
وتبديل الأرض يكون إما بإزالتها كلية ، أو بإبطال نظامها المعروف ، وعلى أي من هذين الرأيين فلا وجود للمساجد أو أي أبنية أخرى عند قيام الساعة بل تكون الأرض كما صح عن ابن مسعود بيضاء نقية .
يقول الإمام الألوسي البغدادي في كتابه ( روح المعاني ) في تفسير القرآن الكريم :
صح عن ابن مسعود أنه قال : تبدل الأرض أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة ، لم يسفك فيها دم حرام ، ولم يعمل فيها خطيئة .
معنى فما بكت عليهم السماء والأرض؟
من المعلوم أن الأماكن تتأثر بعبادة الإنسان فإذا كان من أعداء الله فإن الأرض و السماوات تتاذى منه أما إن كان من أهل الصلاح فإن الأماكن تسعد بعبادة الصالحين ، وقد دل القرآن الكريم على هذا المعنى عندما قال في فرعون وشيعته :{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ }.
قال الإمام الطبري في تفسيره أن سعيد بن جبير، قال: أتى ابن عباس رجل، فقال: يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالى {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، بكى عليه؛ وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها، ويذكر الله فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى السماء منهم خير، قال: فلم تبك عليهم السماء والأرض. أهـ
ولكن ينبغي أن يعلم أن كثرة المكث في المسجد يجعل الإنسان من الفائزين برضوان الله في الآخرة لأن من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة كما جاء في الحديث :”رجل معلق قلبه في المساجد” فهذا معناه أنه شديد الحب لها، والملازمة للجماعة فيها. وليس معناه دوام القعود ، فبسبب هذه المحبة لبيوت الله استحق أن يكون من أهل الكرامة في المحشر فأظله الله بظله ، ومن أهل النعيم في الآخرة .