الإنسان حر في إنفاق ماله بشرط عدم التقتير أو التبذير، وبالصورة التي يراها مناسبةً لحاله في دنياه، شريطةَ ألا ينسى حقَّ الفقراء والمساكين ويراعي مشاعرهم بإخراج ما يستحقونه من زكاة في ميعادها المُحَدَّد حتى يُطَهّر ماله ، ويجب أن يكون في مقدمة المنفقين عليهم مَن يَعولهم كما جاء في الحديث “خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي ” .

يقول الأستاذ الدكتور / نصر فريد واصل ، مفتي مصر :
من المؤكد أن هناك حِكَمًا إلهية في إعطاء المال لمن يشاء ومنعه عمن يشاء، فالله خبير بمن يستحق الغنى وبمن يستحق الفقر، فلقد ورد في الحديث القدسيّ عن الله عز وجل: “إن من عبادي لَمَنْ لا يُصْلِحه إلا الفقر ولو أغنيتُه لأفسدتُ عليه دينَه، وإن من عبادي لَمَن لا يُصْلِحه إلا الغنى ولو أفقرتُه لأفسدتُ عليه دينَه”.
ويقول الله تعالى في كتابه الكريم آمرًا بالاقتصاد في العيش ناهيًا عن السَّرَف: (ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولةً إلى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْها كلَّ البَسْطِ فتقعدَ ملومًا محسورًا) (الإسراء: 29).

فبهذا قد رسم الله للمسلم كيفيةَ التعامل في ماله، وجاءت السُّنَّة المُطهرة مؤكدةً ذلك، فقد روي عن ابن عبد الله بن عمر: “إياكم والشحَّ ؛ فإنه أهلَكَ مَن كان قبلكم ، أَمَرَهُمْ بالبخل فبَخِلوا، وأَمَرَهُمْ بالقطيعة فقَطَعوا، وأَمَرَهُمْ بالفجور ففَجَروا.

-مما سبق يتبين تنظيم الإسلام للتصرف في المال وأن الإنسان حر في إنفاق ماله بشرط عدم التقتير أو التبذير، وبالصورة التي يراها مناسبةً لحاله في دنياه، شريطةَ ألا ينسى حقَّ الفقراء والمساكين بإخراج ما يستحقونه من زكاة في ميعادها المُحَدَّد حتى يُطَهّرَ ماله، وألا يكون فعله قاصرًا على ذلك، بل يكون للصدقات نصيب وافر منه لقوله تعالى: (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (النحل: 96).

ولقد رُوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعًا: ” ما نَقَصَ مالُ عبدٍ من صَدَقة، وما زاد الله عبدًا أنْفَقَ إلا عِزًّا “. ويجب أن يكون في مقدمة المنفقين عليهم مَن يَعولهم لقوله : “خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي.

كل ذلك دون حرج لمشاعر الفقراء الذين ربما يكون قد نالهم من عطائه الشيء الكثير، وحتى لا يُوغِر الحقدُ والحسدُ صدورَهم عليه، فلقد رُوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ” ما من يوم يُصْبِح العباد فيه إلا ومَلَكان يَتَنَزَّلان من السماء يقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خَلَفًا. ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمْسِكًا تَلَفًا “.