يجوز للمرأة أن تتنازل عن المهر أو جزء منه بشرط أن يكون ذلك برضاها، ولا يشترط إذن الأب ، لأن المهر حق خالص للزوجة، وليس للأب فيه شيء ولا لغيره .
وإن كانت المرأة تنازلت عنه بطيب خاطر، ثم حدث الطلاق، فليس لها قائمة المنقولات، ولكن يبقى لها مؤخر الصداق إن كان قد اتفق على هذا، ولها النفقة والمتعة .
وإن كانت المرأة قد بدت كريمة الأخلاق مع زوجها، فمن حسن المعاشرة ألا يقل الزوج عن كرمها ، فيعطي لها قائمة المنقولات أو ما يعادل قيمتها من باب قوله تعالى :(وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة 237 .

يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى :”فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ” النساء : 4 أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما وأن يكون طيب النفس بذلك كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبا كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبا بذلك، فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكله حلالا طيبا ولهذا قال ” فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا “.ا.هـ

و قال الإمام القرطبي :
واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها ، ولا رجوع لها فيه . إلا أن شريحا رأى الرجوع لها فيه ، واحتج بقوله : ” فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ” وإذا كانت طالبة له لم تطب به نفسا .
قال ابن العربي : وهذا باطل ؛ لأنها قد طابت وقد أكل فلا كلام لها ؛ إذ ليس المراد صورة الأكل ، وإنما هو كناية عن الإحلال والاستحلال ، وهذا بين .ا.هـ

ويقول الإمام ابن قدامة الحنبلي :
وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه ، وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح . ولا نعلم فيه خلافا ؛ لقول الله تعالى : { إلا أن يعفون } يعني الزوجات . وقال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) قال أحمد ، في رواية المروذي : ليس شيء .