لا يجوز إلا إذا وافق الإناث، أو يعطى الإناث مثل الذكور أو نصفهم على الأقل.

يقول الدكتور حسام عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس– :-

إن الأصل في هذه القضية أن يعدل الأب والأم بين أولادهما في المعاملات عامة وفي الهبات على وجه الخصوص لأن التفريق بين الأولاد في المعاملة يورث الحقد والحسد ويوقع العداوة والبغضاء بينهم .
والأحاديث الواردة عن الرسول في هذه المسألة يفيد ظاهرها وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات وبهذا قال جماعة من أهل العلم ولا بأس أن نستعرض بعض هذه الأحاديث :

1. عن النعمان بن بشير قال : قال النبي : ( اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ) رواه احمد وأبو داود والنسائي وهو حديث صحيح .

2. وعن جابر رضي الله عنه قال : قالت امرأة بشير: انحل ابني غلاماً – عبداً – وأشهد لي رسول الله فأتى رسول الله فقال: إن ابنة فلان – زوجته – سألتني أن أنحل ابنها غلامي . فقال عليه الصلاة والسلام : له أخوة ؟ قال : نعم ، قال عليه الصلاة والسلام : فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته ؟ قال : لا ، قال عليه الصلاة والسلام : فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق ) رواه مسلم وأبو داود وأحمد وغيرهم .

3. وعن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول : أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة – أم نعمان – لا أرضى حتى تشهد رسول الله فأتى رسول الله فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله . قال عليه الصلاة والسلام : أعطيت سائر ولدك مثل هـذا ؟ قال : لا ، فقال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ، قال فرجع فرد عطيته ) رواه البخاري.
وفي روايةٍ أخرى أن النبي قال لبشير والد النعمان
( لا تشهدني على جورٍ أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : نعم ، قال : أشهد على هذا غيري ) رواه أبو داود بسندٍ صحيح .

4. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال : ( سووا بين أولادكم في العطية لو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء ) رواه سعيد بن منصور والبيهقي وقال الحافظ ابن حجر إسناده حسن .

فهذه الأحاديث يؤخذ منها وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات والعطايا ، إلا أن الإمام أحمد بن حنبل يرى أنه يجوز للأب أن يفاضل بين الأبناء في الهبات والعطايا إن اختص أحدهم بأمر يقتضي المفاضلة ، كأن يكون أحدهم يدرس في جامعة أو مدرسة أو يكون أحد الأولاد فيه عاهة أو أنه فقير وعنده عائلة كثيرة الأولاد .
وتجوز المفاضلة أيضاً عنده إذا كان الولد فاسقاً ينفق ما يحصل عليه من مالٍ في معصية الله تعالى فيجوز للأب أن يمنع عنه العطية أو يعطي بقية أولاده أكثر منه .

أما ما ذهب إليه الإمام أحمد ففيه نظر دقيق وفقه حسن وخاصةً أنه توجد حالات لا يكون من الإنصاف فيها التسوية بين الأبناء في الهبات والعطايا فلا يمكن للأب التسوية في دفع المصاريف اليومية لأولاده مثلاً مع اختلاف أعمارهم ودراستهم فهل يعقل أن يعطى الطالب الجامعي مثل ما يعطى الطالب في المرحلة الإبتدائية .
وأما إذا كان الأمر متعلقاً بإعطاء الأبناء أراضٍ أو عقارات ونحو ذلك فلا بد من التسوية والعدل بينهم في العطاء .

ومن الجدير بالذكر أن جمهور الفقهاء يرون أن الذكر والأنثى سواءٌ في الهبات والأعطيات لأن النبي قال لبشير بن سعد ( فسووا بينهم ) وفي روايةٍ أخرى ( أليس يسرك أن يكونوا في البر سواء ) والبنت كالابن في وجوب برها لأبيها .

ويرى الحنابلة أن على الأب أن يسوي بين أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين لأن الله سبحانه وتعالى قسم بينهم ذلك .

وقال شريح القاضي لرجل قسَّم ماله بين أولاده ( أرددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه ) .

وينبغي أن يعلم أن التسوية بين الأولاد ليست في الأمور المالية فقط وإنما ينبغي العدل في جميع أوجه التعامل معهم حتى أن العلماء يقولون ينبغي للأب أن يعدل بين أولاده في القبل – جمع قبلة – لذا يقول إبراهيم النخعي ( كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل ) .
روي في حديث عن أنس ” أن رجلاً كان عند النبي فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه ثم جاءت ابنة له فأجلسها بين يديه فقال ألا سويت بينهما “.