العين المرهونة إذا كانت تحتاج إلى نفقة كالحيوانات ونحوها فلا ينبغي أن تعطل منافعها، ولكن وقع خلاف فيمن له حق الانتفاع بالرهن، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع من الرهن بشيء وعلى الراهن أن يقوم بالنفقة التي يحتاجها الرهن، وذهب الحنابلة وبعض فقهاء التابعين إلى أنه يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن بقدر نفقته .
وإذا كان الرهن عقارا ونحوه مما لا يحتاج إلى نفقة فلا يجوز للمرتهن استغلال منافعه؛ لأنه يصير عندئذ قرضا بفائدة وهو الربا بعينه.، وعليه فلا يجوز أن يؤجر المرتهن ( حائز الرهن) الأرض المرهونة لحسابه الشخصي.
فالتعامل بالرهن مشروع في الإسلام ، لقول الله عز وجل : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) – آية 283 البقرة-، وتعامل به النبي ﷺ كما جاء في صحيح البخاري عن عائشة قالت: (توفي رسول الله ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير ).
وإذا كان الرهن مما ينتفع به كالدابة تركب أو تحلب فإن منافعه لا ينبغي أن تعطل، ولكن من له الحق في استغلال منافع الرهن؟ تلك مسألة وقع الخلاف في شأنها بين الفقهاء ، ففي البخاري أن النبي ﷺ قال :( الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة).
وإنما نشأ الخلاف من تأويلهم لهذا الحديث، فمنهم من ذهب إلى أن للمرتهن ـ أي آخذ الرهن ـ أن ينتفع من الرهن بالحلب والركوب مقابل نفقته عليه وهذا مذهب الإمام أحمد ، ومنهم من قال : إذا كان الراهن ـ وهو الذي أعطى الرهن ـ ينفق على رهنه لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن وإن كان لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن فأنفق عليه فله حق استغلال منافعه بقدر نفقته عليه، وذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن وعليه نفقته، وبه قال الشعبي وابن سيرين وهو مذهب الشافعي .
ولعل الحديث واضح الدلالة على أن منفعة الرهن لمن ينفق عليه فإذا أنفق على الرهن مالكه الأصلي فله حق استغلال منافعه، وإذا أنفق عليه المرتهن كان هو صاحب الحق في استغلال تلك المنافع بقدر نفقته عليه.