يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
اللحوم المحفوظة والمستوردة إذا عَلِمْنَا بطريق موثوق به أنها ذُبحت على غير الطريقة الإسلامية فلا يجوز أكلها قطعًا، أما إذا علمنا أنها ذُبِحَت على الطريقة الإسلامية جاز أكلها دون حرج، فإذا لم نعلم طريقة ذبحها فإذا كانت هناك أمارات تُرجِّح أن ذبحها شرعي جاز أكلُها، ومن هذه الأمارات أن يُكتب عليها عبارة “مذبوح على الطريقة الإسلامية” أو تكون هذه الذبائح مستوردة من بلاد تَدين باليهودية أو النصرانية، للنص على حِل ذبائحهم في قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (المائدة: 5) .
وبعض النشرات التي تحذِّر من تناول هذه اللحوم لا يصح أن تكون دليلاً قاطعًا على أنها لم تُذبح على الطريقة الشرعية، وعلى ذوي الاختصاص أن يتثبتوا إن كانت هذه اللحوم مستوفية لشروط الذبح الشرعي أولا، وإلى أن يحصُل هذا التثبُّت يكون العمل بالقاعدة الشرعية وهي: الأصل في الأشياء الإباحة، واليقين لا يزول بالشك .
هذا، ويغلِب على البلاد التي تدين باليهودية أو النصرانية أن تكون صادراتها للبلاد الإسلامية من الذبائح مذكَّاة حسب شريعتهم فهي حلال، أما البلاد التي لا تدين باليهودية أو النصرانية فيقال: إن ما أُعد للتصدير منها إلى البلاد الإسلامية يتولَّى ذبحَه كتابي، ويُكتب عليه: مذبوح على الطريقة الإسلامية .
ويمكن الاعتماد على ما كُتِب عليه، أما ما لا يُكْتَبُ عليه ذلك فلا يُطْمَأن إليه، وعلى المسئولين مراقبة ذلك عند الاستيراد.
وزيادة في الإيضاح لهذا الموضوع ننقِل ما نُشر في الجزء الثاني من كتاب “بيان للناس من الأزهر الشريف “،
أُثيرت في هذا الموضوع عدة مسائل نذكر أهمها فيما يلي :
حكم تخدير الحيوان قبل ذبحه:
قال تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِه وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَة وَالْمُتَرَديةُ وَالنَّطِيحَةُ ومَا أَكَلَ السَّبُعُ إلا مَا ذَكَّيْتُمْ) (المائدة: 3)، وقال رسول الله ـ ﷺ ـ “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه ولْيُرِحْ ذبيحته” رواه مسلم وغيره .
فإذا كانت الصَّدمة الكهرُبائية أو غيرها من طرق التخدير تساعد على التمكُّن من ذبح الحيوان بإضعاف مقاومته وقت الذبح، وكانت لا تؤثِّر في حياته، بمعنى أنه لو تُرك بعدها دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية ـ جاز استعمال الصدمة الكهربائية أو غيرها من طرق التخدير بهذا المفهوم قبل الذبح، وحلَّت الذبيحة بهذه الطريقة .
أما إذا كانت تؤثِّر في حياته بحيث لو تُرِك بعدها دون ذبح فَقَدَ حياته، فإن الذبح وقتئذٍ يكون قد ورد على مَيْتَة، فلا يحلُّ أكلها في الإسلام، لاحتمال موت الحيوان بالصدمة الكهربائية أو التخدير قبل الذبح . إذْ تقضي نصوص فقه الشريعة الإسلامية أنه إذا اجتمع في الذبيحة سبب محرِّم وآخر مُبيح تكون محرَّمة، كما إذا رمى شخص طائرًا فجرحه فسقط في الماء فانتشله الصائد ميتًا فإنه لا يحلُّ أكله لاحتمال موته غرقًا لا بجرح الصيد .
حكم الحيوان المذبوح بالصعق الكهربائي أو بالضرب على الرأس:
ضرب الحيوان على رأسه بحديدة أو تفريغ شحنة مسدَّس قاتل فيها، أو صعقه بتيار الكهرباء وإلقاؤه في ماء مغلي ليَلفظ أنفاسه :
إذا مات الحيوان بهذه الطرق فهو مَيْتة، والمَيْتة مُحَرَّمة بنص القرآن الكريم، وهي ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يُذبح، أو ما مات حُكمًا من الحيوان حتْف أنفه من غير قتل بذكاة، أو مقتولاً بغير ذكاة .
والميتة بهذه الطرق هي الموقوذة التي ورد النص بتحريمها في آية المائدة المذكورة في المسألة السابقة “رقم 1” .
والوقذ شدة الضرب قال قتادة : كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه.
وقال الضحاك : كانوا يضربون الأنعام بالخُشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها.
وفي صحيح مسلم عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله فإني أرمي بالمِعْراض الصيد فأصيب . فقال “إذا رمَيْت بالمِعْرَاض فخزقه فكلْه، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله”، وفي رواية “فإنه وقيذ”. المعراض سهم يصيب بعرض عوده دون حدِّه، خزق السهم أي نفذ في الرمية، والمعنى نفذ وأسال الدَّم؛ لأنه ربما قتل بعرضه ولا يجوز .
والفقهاء اتفقوا على أنه تصح تذكية الحيوان الحي غير الميئوس من بقائه ، فإن أصابه ما يُوئِس من بقائه مثل أن يكون موقوذًا أو منخنقًا فقد اختلفوا في استباحته بالذكاة .
ففي فقه الإمام أبي حنيفة :وإن عُلمت حياتها ـ وإن قلَّت ـ وقت الذبح أُكلت مطلقًا بكل حال .
وفي إحدى روايتين عن الإمام مالك ، وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد : متى عُلم بمستمَر العادة أنه لا يعيش حرُم أكله ولا تصح تذكيته ، وفي الرواية الأخرى عن الإمام مالك : أن الذكاة تبيح منه ما وُجد فيه حياة مستقرة . وينافي الحياة عنده أن يندَّق عنقه أو دماغه .
وفي فقه الإمام الشافعي : أنه متى كانت فيه حياة مستقرة تصح تذكيته ، وبها يحل أكله باتفاق فقهاء المذهب .
والذكاة في كلام العرب الذبح وفي الشرع عبارة عن إنهار الدم وفري الأوداج في المذبوح ، والنحر في المنحور ، والعَقر في غير المقدور عليه .
واختلف العلماء فيما تقع به الذكاة، والذي جرى عليه جمهور العلماء أن كل ما أَنهر الدم وَفرى الأوداج فهو آلة للذبح ، ما عدا الظُّفْر والسن ، إذا كانا غير منزوعين ؛ لأن الذبح بهما قائمين في الجسد من باب الخنق .
كما اختلفوا في العروق التي يتم الذبح بقطعها ، بعد الاتفاق على أن كماله بقطع أربعة ، هي : الحلقوم والمريء والودجان .
واتفقوا كذلك على أن موضع الذبح الاختياري ، بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر .
وإذا كان ذلك ، كان الذبح الاختياري الذي يحل به لحم الحيوان المباح أكله في شريعة الإسلام ، هو ما كان في رقبة الحيوان فيما بين الحلق والصدر ، وأن يكون بآلة ذات حد تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها ، سواء كانت هذه الآلة من الحديد أو الحجر ، على هيئة سكين أو سيف أو بلطة أو كانت من الخشب بهذه الهيئة أيضًا . لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ” ما أُنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكلوا، ما لم يكن سنّا أو ظفرًا ” .
فإذا ثبت قطعًا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بهذه الطريقة التي قررها الإسلام ، وإنما تُضْرَب على رأسها بحديدة ثقيلة ، أو يُفرغ في رأسها محتوى مسدس مُمِيت ، أو تُصعق بتيار الكهرباء ثم تُلقى في ماء مغلي تلفِظ فيه أنفاسها ـ إذا ثبت هذا دخلت في نطاق المنخنقة والموقوذة المُحَرَّمَة بنص الآية الكريمة .
حكم الأخذ بالنشرات والتوصيات بمنع استيراد اللحوم المذبوحة:
المؤلفات والنشرات التي توصي بمنع استيراد اللحوم المذبوحة في الخارج :
ما ينقل عن بعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح لا يكفي لرفع الحِلّ الثابت أصلاً بعموم نص الآية الكريمة : (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) ( المائدة : 5 )، وليس في هذه النشرات ما يدل حتمًا على أن المطروح في أسواقنا من اللحوم والدواجن والطيور مستورد من تلك البلاد التي وصف طرق الذبح فيها مَنْ نقل عنهم ، ولا بد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التي لا تُستعمل سوى هذه الطرق ، ومع هذا فإن الطب ـ فيما نعلم ـ يستطيع استجلاء هذا الأمر وبيان ما إذا كانت هذه اللحوم الطيور والدواجن المستوردة قد أُزهقت أرواحها بالطرق المذكورة في المسألة السابقة التي تتعلق بضرب الحيوان على رأسه بحديدة أو تفريغ شحنة مسدَّس قاتل فيها، أو صعقه بتيار الكهرباء وإلقاؤه في ماء مغلي ليَلفظ أنفاسه.
فإذا كان الطب البيطري أو الشرعي يستطيع علميًا بيان هذا على وجه الثبوت ، كان على القائمين بأمر هذه السلع استظهار حالها بهذا الطريق أو بغيرها من الطرق المجدية؛ لأن الحلال والحرام من أمور الإسلام التي قُطع فيها بالنصوص الواضحة . فكما قال الله سبحانه ( الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) قال سبحانه قبل هذا ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ومَا أُهلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِه وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ والْمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحَةُ ومَا أَكَلَ السَّبُعُ إلا مَا ذَكَّيْتُمْ ) .
وقد جاء في ” أحكام القرآن ” لابن العربي في تفسيره للآية الأولى : فإن قيل : فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس ، فالجواب أن هذه مَيْتَة ، وهي حرام بالنص .
وهذا يدل على أنه متى تأكدنا أن الحيوان قد أُزْهِقَتْ روحه بالخنق أو حطم الرأس أو الوقذ كان ميتة ومُحَرَّمًا بالنص .
والصعق بالكهرباء حتى الموت من باب الخنق ، فلا يحلُّ ما انتهت حياته بهذا الطريق . أما إذا كانت كهربة الحيوان لا تؤثِّر على حياته ، بمعنى أنه يبقى فيه حياة مستقرة ثم يُذبح كان لحمه حلالاً في رأي جمهور الفقهاء ، أو أي حياة وإن قلَّت في مذهب الإمام أبي حنيفة .
وعملية الكهرباء في ذاتها إذا كان الغرض منها فقط إضعافُ مقاومة الحيوان والوصول إلى التغلُّب عليه وإمكان ذَبْحِه ، جائزة ولا بأس ، وإن لم يكن الغرض منها هذا أصبحت نوعًا من تعذيب الحيوان قبل ذبحه ، وهو مكروه ، دون تأثير في حِلِّه إذا ذُبِح بالطريقة الشرعية حال وجوده في حياة مستقرة . أما إذا مات صعقًا بالكهرباء فهو مَيْتة غير مباحة ومُحَرَّمة قطعًا .
فالفيصل في الموضوع أن يثبت على وجه قاطع أن اللُّحوم والدواجن والطيور المستوردة المتداولة في أسواقنا قد ذُبحت بواحد من الطرق التي تصيِّرها من المحرمات المعدودات في آية المائدة . وما في الكتب والنشرات لا يُعتمد عليه في ذلك . وعلى الجهات المَعْنِيَّة أن تتثبت من ذلك ، وإلى أن تتثبَّت يكون العمل بالقاعدة الشرعية : الأصل في الأشياء الإباحة ، واليقين لا يزول بالشك ، امتثالاً لقول الرسول ـ ﷺ ـ الذي أخرجه البزَّار والطبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن ” ما أحلَّ الله فهو حلال ، وما حرَّم الله فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينْسى شيئًا ” .
وحديث أبي ثعلبة الذي رواه الطبراني ” إن اللهَ فرض فرائض فلا تُضَيعوها ، ونهى عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها “، وفي لفظ ” وسكَتَ عن كثير من غير نسيان فلا تتكلَّفوها ، رحمة لكم فاقبلوها “.
وروى الترمذي وابن ماجه من حديث سلمان أنه ـ ﷺ ـ سُئِل عن الجُبن والسَّمن والغِراء التي يصنعها غير المسلمين فقال ” الحلال ما أحلَّ الله في كتابه ، والحرام ما حرَّم الله في كتابه ، وما سكَت عنه فهو مما عفا عنه “.
وثبت في الصحيحين أنه ـ ﷺ ـ توضأ من مَزادة امرأة مُشْرِكَة ، ولم يسألها عن دِبَاغها ولا عن غسلها .
هل يجوز أكل ذبيحة أهل الكتاب :
أهل الكتاب هم اليهود والنصارى؛ لأنهم في الأصل أهل التوحيد ، وقد جاء حكم الله في الآية بإباحة طعامهم للمسلمين ، وإباحة طعام المسلمين لهم في قوله سبحانه ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) .
وكلمة طعام عامة تشمل الذبائح والأطعمة المصنوعة من مواد مُبَاحة ، وجمهور المفسرين والفقهاء على أن المراد من الطعام في هذه الآية الذبائح أو اللحوم ؛ لأنها هي التي كانت موضع الشك ، أما باقي أنواع المأكولات فقد كانت حلالاً بحُكم الأصل .
وتُثَار في ذبائحهم نقطتان ، الأولى طريقة ذبحهم ، والثانية التسمية عند الذبح .
أما في الأولى فقد اشترط فقهاء المسلمين لحِلِّ ذبائحهم أن يكون الذَّبح على الوجه الذي ورد به الإسلام . وقال بعض فقهاء المالكية : إن كانت ذبائحهم وسائر أطعمتهم مما يعتبرونه مذكًّي عندهم حَلَّ لنا أكله وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة صحيحة ، وما لا يرونه مذكًّي عندهم لا يحلُّ لنا.
ثم استدرك هذا الفريق فقال : فإن قيل : فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس ؟ فالجواب أن هذه ميتة وحرام بالنص ، فلا نأكلها نحن ، كالخنزير فإنه حلال ومن طعامهم ، وهو حرام علينا فهذه أمثلة.
وفتوى الشيخ محمد عبده لأهل الترنسفال في 6 من شعبان سنة 1321هـ لم تذكر هذا الاستدراك ” الفتاوى الإسلامية ـ المجلد 4 ص 1298 ” .
إن من القواعد التي قرَّرها الفقهاء ” ما غاب عنَّا لا نُسْأل عنه ” وهي مأخذوة من نصوص فقهية .
ففي فقه الإمام أبي حنيفة : إنما تؤكل ذبيحة الكتابي إذا لم يُشهد ذبحه ولم يُسمع منه شيء ، أو سُمع وشُهد منه تسمية الله تعالى وحده . وقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب حين سُئِل عن ذبائح أهل الكتاب قوله : قد أحلَّ الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون .
وفي فقه الإمام الشافعي : لو أخبر فاسق أو كتابي أنه ذكَّي هذه الشاة قبلناه ؛ لأنه من أهل الذكاة .
فإذا ذُكرت شائعات فإنه عندئذ يلزمنا التحرِّي . وفي هذه الحالة استفاضت الشائعات أن أوروبا – وهي أهل كتاب- تستعمل وسائل غير الذبح ، فلا يصح إهمال ذلك بعدم السؤال ، بل ينبغي التحرِّي .
وأما في النقطة الثانية وهي التسمية عند الذبح ، فقد جاء حديث البخاري في اللَّحم الذي لا يُدري : هل سُميَ عليه الله أو لا ، ” سَمُّوا الله أنتم وكلوا ” . وقد حفلت كتب السنة والسيرة بأن رسول الله ـ ﷺ ـ كان يأكل من ذبائح اليهود دون أن يسأل هل سموا الله عند الذبح أم لا ، وكذلك الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ ، وقد مرَّ قول الإمام علي : قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون . اهـ .
هذا ، ولو سمعنا ذكر اسم غير الله عند الذبح فالجمهور على عدم الأكل من هذه الذبيحة ، حتى من قال منهم بأن التسمية سُنَّة غير واجبة ، أما إذا لم نسمع تسمية فالذبيحة حلال للنصوص المذكورة .
والبلاد التي تدين باليهودية أو النصرانية يغلِب أن تكون صادراتها من الذبائح مذكاة حسب شريعتهم في حلال ، أما البلاد التي لا تدين باليهودية أو النصرانية فيقال: إن ما أُعدَّ للتصدير منها إلى البلاد الإسلامية يتولَّى ذبحه كتابي ، ويكتب عليه مذبوح على الطريقة الإسلامية ، ويمكن الاعتماد على ما كُتب عليه ، أما ما لم يكتب عليه ذلك فلا يُطمأن إليه ، وعلى المسئولين مراقبة ذلك عند الاستيراد ، حتى نعتمد على أنفسنا بتوفير ما نحتاج إليه دون حاجة إلى استيراد ما فيه شبهة .
ومن يعايش أو يزور بلادًا كتابية يطمئن إلى ما يُذبح فيها إلا إذا رأى بعينيه أنه لم يُذْبَح وكان من المُحَرَّمَات المذكورة في آية المائدة على الوجه المبيَّن فيما سبق ، أو أخبره بذلك ثقة وصدَّقه .
والذي يزور بلادًا ليست كتابية أو يعيش فيها يجب عليه أن يستوثق مما يأكله من ذبائحهم ، فالغالب عليه أنه لم يُذبح كما يذبح الكتابيون والمسلمون . ولا يكفي عدم العلم بحال هذا المطعوم ، بخلاف البلاد الكتابية فيكفي فيها عدم العلم ؛ لأن الغالب أنهم يذبحون .