اختلف الفقهاء في حل أكل صيد البندقية، تبعا لاختلاف تكييفهم الفقهي للمسألة : فمن ذهب إلى أن الرصاصة كالحجر فألحق الصيد بالموقوذة وحرمه . ومن ذهب إلى أن الرصاصة آلة حادة تخرق الجسد وتنزل الدم أباح أكل الصيد . ولابد من التأكد من نهاية حياة الصيد بفعل الرصاصة ، فإن أدركه حيا فلابد من ذبحه والتسمية عليه .

يقول فضيلة الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
يَرى فريق من الفقهاء أن الصيد بالبندقية لا يحلُّ أكلُه إلا إذا مات من ضرب البندقية وحده، ولم تبقَ فيه عقِب الضرْب حياة فيذبحه صاحبه بالسكين؛ وفي مذهب الحنفية أن الصيد الذي يحل أكله هو الصيد المقتول بآلة حادة، جرت العادة بأن يُقطع بها كالسكين والخنجر والسهم والنصل وما أشبه ذلك، ولكن المقتول بالآلة المثقلة كالحجر والصخر والخشبة الغليظة وما أشبهها لا يحل أكله .

وعلى هذا الأساس يرون أن الرصاصة التي تخرج من البندقية وتصوب إلى الصيد ليست آلة حادة، وليست مما يُستعمل للقطع والذبح في العادة، وإنما يحدث القتل في هذه الحالة عن طريق الضغط الشديد، الناشئ عن قوة قذف الرصاصة، فيكون المقتول بها من قبيل” المَوقوذة” المحرمة بنصٍّ قرآني .

ولكن فريقًا من مُحقِّقي الفقهاء في مذهب الحنفية يرون أن الرصاصة لا تَضغط على جسم الصيد فقط، بل هي في الواقع تقطع الجلد وتُمزق الجسم وتُسيل الدم، وبهذا لا يكون القتل ناشئًا عن الضغط كما في حالة استخدام الحجر أو الصخر أو العصا الغليظة، بل ينشأ في الحقيقة عن الجُرح الذي أحدثته الرصاصة فمزَّق الجسم وأسال الدم فلا يكون الصيد المقتول بالبندقية من قبيل ” الموقوذة ” المشار إليها في القرآن، بل يكون كالمذبوح بالآلة التي تسيل الدم وتقضي على الحياة .

وعلى ذلك يكون الحيوان أو الطير المقتول بالبندقية حلالاً، ولا يَحرم أكله، وهذا كله إذا قضت عليه الرصاصة وأفقدته الحياة كُليةً، وأما إذا أدركه الصائد وفيه بقيةُ حياةٍ، كان عليه أن يذبحه بالسكين، تُجهز على ما فيه من حياة بطريقة الذبح المشروعة المعروفة .