إجابة الدعوة واجبة على المسلم لأخيه المسلم ، لأن ذلك من حقوق المسلم على أخيه المسلم ، كما قال النبي ﷺ : ( إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها )، وقوله أيضا : (حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس ).رواهما مسلم .
ولكن إذا دعي المسلم من اثنين في وقت واحد : فإن أمكنه أن يجيبهما واحدا بعد الآخر وجب عليه ذلك ، ما لم يكن هناك لديه عذر ، فإن لم يمكنه ذلك أجاب من دعاه أولاً ، وإن كانا في وقت واحد أجاب أكثرهما تدينا ، فإن استويا في ذلك أجاب أقربهما إليه رحما ، فإن استويا أجاب أقربهما منه جوارا، فإن استويا أجري القرعة.
جاء في كشف القناع ، لمنصور بن يونس الحنبلي :
وإن دعاه اثنان إلى وليمتين أجاب أسبقهما بالقول ، لقوله عليه الصلاة والسلام { فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق } رواه أبو داود ، فإن استويا أجاب أدينهما ، لأن كثرة الدين لها أثر في التقديم كالإمامة ، ثم إن استويا أجاب أقربهما رحما ، لما في تقديمه من صلة الرحم ، ثم إن استويا فأقربهما جوارا لقوله ﷺ { إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا } ، ثم إن استويا يقرع بينهما.
ولا يجيب الثاني حيث سبق الأول ، إلا أن يتسع الوقت لإجابتهما، فإن اتسع الوقت لهما وجبا ، أي وجبت إجابتهما؛ للأخبار الدالة على وجوب إجابة الدعوة .
وفي نيل الأوطار للشوكاني :
باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان : عن عائشة : { أنها سألت النبي ﷺ فقالت إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ فقال : إلى أقربهما منك بابا } رواه أحمد والبخاري .
ووجه الحديث أن إيثار الأقرب بالهدية يدل على أنه أحق من الأبعد في الإحسان إليه فيكون أحق منه بإجابة دعوته مع اجتماعهما في وقت واحد ، فإن تقدم أحدهما كان أولى بالإجابة من الآخر ، سواء كان السابق هو الأقرب أو الأبعد ، فالقرب وإن كان سببا للإيثار ولكنه لا يعتبر إلا مع عدم السبق ، فإن وجد السبق فلا اعتبار بالقرب ، فإن وقع الاستواء في قرب الدار وبعدها مع الاجتماع في الدعوة ، فقيل يقرع بينهما . وقد قيل : إن من مرجحات الإجابة لأحد الداعيين كونه رحما أو من أهل العلم أو الورع أو القرابة من النبي ﷺ .