لم يصح أن الصحابة فعلوا ذلك ، والتمايل غير مسنون لأنه ينافي الخشوع إذا تعمده الذاكر ولم يأتي عفوا . وأما الدف والمزمار في الذكر فهما بدعة منكرة.
يقول الشيخ عطية صقر ،رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
يقول الله ـ تعالى:{ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون }.
ذكر القرطبي عند تفسير هذه الآية أن: وجل القلوب خوف من الله، وفيه أيضا اطمئنان عند ذكر الله، كما قال:{ تقشعر منهم جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله }.
وليس منه ما يفعله الجهال والأرذال من الزعيق، والزئير، والنهاق، ثم ذكر حديث الترمذي، وعظنا الرسول ( ﷺ ) موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت القلوب، ولم يقل العرباض بن سارية راوي الحديث: زعقنا، ولا رقصنا.
والإمام الغزالي في كتابه: (الإحياء) تحدث عن الوجد والتأثر بالقرآن، وذكر الله، ولذلك مظاهر: إما بكاء وإما تشنج، وإما غير ذلك.
وذكر أن الرسول ( ﷺ ) قال: “شيبتني هود وأخواتها”.
وذكر حديث بكاء الرسول ( ﷺ ) عندما قرأ عليه ابن مسعود:{فكيف إذا جئنا من أمة كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}.
ثم ذكر بعض نقول عن وجد الصحابة والتابعين عند سماع القرآن، فمنهم صعق ومنهم من غشي عليه، ومنهم من مات، وكلها أخبار بدون سند يعتمد عليه.
ولكن يمكن أن تحدث، فالطبيعة البشرية تتأثر بأشياء كثيرة، وبعض الشعوب الآن أو بعض الأفراد عندما يسمعون شعرا أو كلاما أو غناء أو موسيقى يتحركون حركات مختلفة، إما بهز الرؤوس أو تمايل الجسم، أو الرقص، أو غير ذلك.
فلا مانع أن يكون بعض الصحابة، وأن يكون غيرهم قد تحرك جسمه عند سماع آيات من القرآن تؤثر بقوة على وجدانه، وأعصابه {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم }.
وأما ما نراه في بعض حلقات الذكر من: الضرب بالدفوف، والمزامير، وغيرها :
فقد نقل القرطبي عن أبي بكر الطرطوشي (رحمهم الله تعالى) أنه سئل: عن قوم يجتمعون في مكان يقرءون شيئا من القرآن، ثم ينشد لهم منشد شيئا من الشعر، فيرقصون، ويطربون، ويضربون بالدف والشبابة (الربابة). هل الحضور معهم حلال أم لا؟
فأجاب: مذهب الصوفية أن هذا بطالة، وجهالة، وضلالة،إلى آخر كلامه. قلت: وقد رأيت أنه أجاب بلفظ غير هذا، وهو أنه قال: مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة. وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله ( ﷺ ) والتواجد فأول من أحدثه: أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار، قاموا يرقصون حوله ويتواجدون، فهو دين الكفار، وعباد العجل.
وإنما مجلس النبي ( ﷺ ) مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد، وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يحضر معهم وألا يعينهم على باطلهم.
هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، وأحمد وغيرهم من أئمة المسلمين.