النفاق على ضربين: نفاق في العقيدة، ونفاق في العمل.
–أما النفاق في العقيدة، فهو أن يكون غير مؤمن بالله ورسوله وما جاء به الكتاب والسنة، ولكنه يظهر أنه مؤمن بهما، وكان هذا واضحًا في عهد الرسول ﷺ، وتحدث القرآن عنه بكثير من الآيات.
ومن يكون على هذه الحال، يكون كافرًا، بل هو أكثر من كافر، وإن كان يعامل معاملة المسلمين بما يظهر من الإيمان، ولسنا مأمورين بأن نشق على الناس صدورهم، ونتطلع على ما في قلوبهم، فهم مؤمنون ظاهرًا ويعاملون على هذا الظاهر.
–أما النفاق في العمل، فهو أن يكون مؤمنًا بما جاء من عند الله، ومؤمنًا بما جاء من عند رسوله ﷺ، أي مؤمن عقيدة، ولكنه يعمل أعمالاً صالحة لا يبتغي بها وجه الله تعالى، كأن يتصدق ليقال إنه كريم، أو يظهر أنه متمسك بتعاليم الله ورسوله قولاً وهو غير ذلك.
ومن يرتكب مثل هذا لا يتقبل الله منه عمله الصالح، ويكون مؤمنًا عاصيًا، ومطلوب منه أن يخلص لله في عمله.
أما ارتكاب بعض المعاصي، وسترها، فهذا هو المطلوب إذا ارتكب المسلم إثمًا وقد ستره الله عليه، فلا ينبغي أن يكشف ما ستره الله سبحانه وتعالى، ويتوب الله على من تاب، وليس هذا من باب النفاق في شيء، لأننا كما قلنا إن النفاق هو الإظهار للناس أنه يعمل بما يرضي الله ورسوله، ويبطن خلاف ذلك. أما الذي يرتكب المعاصي وقد ستره الله عليه فهو فاسق، ويجب عليه أن يتوب حتى يتوب الله عليه، وألا يستسلم لشهواته وإغواء الشيطان له بما يؤدي إلى سوء عاقبته والعياذ بالله تعالى فيموت على غير الإسلام.
فواجب على المسلم إذا ارتكب معصية أو ذنبًا أن يتوب، “كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون”، والاستمرار في عمل المعاصي دون توبة يؤدي إلى الاستمرار في هذه المعاصي وتراكمها، بحيث يكون هناك حجاب بينه وبين هداية ربه، وهذا يخشى عليه كما قلنا سوء العاقبة والعياذ بالله تعالى.
وتقوية الإيمان إنما هي بترك المعاصي، وبعمل الواجبات واتباع هدي القرآن والسنة، وعندئذ يقوى إيمانه ولا يضعف أمام شهواته وإغواء الشيطان له، ويكون من عباد الله الصالحين، قال تعالى مخاطبًا الشيطان الرجيم: “إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين”.