تعدد النيات لتحقيق عمل واحد إذا كانت هذه الأعمال كلها مشروعة جائز؛ فيجوز للمسلم أن يغتسل من الجنابة وللجمعة في نفس الوقت؛ والدليل على ذلك أن الله تعالى أجاز للمسلم أن يذهب للحج والتجارة في نفس الوقت أو أن يذهب للحج وتحقيق منافع معنوية ومادية أخرى، قال الله تعالى في شأن الحج: ” ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم” وقال: “وليشهدوا منافع لهم” كما يجوز للمرأة أن تصوم ستة أيام من شوال وتنوي قضاء ما فاتها من شهر رمضان وهكذا، ويستوي في ذلك إذا كان العمل بعضه مندوبا وبعضه واجبا وبعضه مستحبا.
التشريك في النية:
جاء في الموسوعة الفقهية:
-إن أشرك عبادتين في النية، فإن كان مبناهما على التداخل، كغسلي الجمعة والجنابة، أو الجنابة والحيض، أو غسل الجمعة والعيد.
-أو كانت إحداهما غير مقصودة، كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فلا يقدح ذلك في العبادة؛ لأن مبنى الطهارة على التداخل، والتحية وأمثالها غير مقصودة بذاتها، بل المقصود شغل المكان بالصلاة، فيندرج في غيره.
-أما التشريك بين عبادتين مقصودتين بذاتها، كالظهر وراتبته، فلا يصح تشريكهما في نية واحدة؛ لأنهما عبادتان مستقلتان لا تندرج إحداهما في الأخرى” انتهى.
هل يجوز تعدد النية في العبادات:
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن ننوي أكثر من عبادة في عبادة واحدة، مثل إذا دخل المسجد عند أذان الظهر، صلى ركعتين فنوى بها تحية المسجد، وسنة الوضوء، والسنة الراتبة للظهر، فهل يصح ذلك؟”.
فأجاب فضيلته بقوله:
“هذه القاعدة مهمة وهي: “هل تتداخل العبادات؟ ” فنقول: إذا كانت العبادة تبعا لعبادة أخرى فإنه لا تداخل بينهما، هذه قاعدة.
مثال ذلك: صلاة الفجر ركعتان، وسنتها ركعتان، وهذه السنة مستقلة، لكنها تابعة، يعني هي راتبة للفجر مكملة لها، فلا تقوم السنة مقام صلاة الفجر، ولا صلاة الفجر مقام السنة؛ لأن الراتبة تبعا للفريضة، فإذا كانت العبادة تبعا لغيرها، فإنها لا تقوم مقامها، لا التابع ولا الأصل.
مثال آخر: الجمعة لها راتبة بعدها، فهل يقتصر الإنسان على صلاة الجمعة ليستغني بها عن الراتبة التي بعدها؟
الجواب: لا، لماذا؟ لأن سنة الجمعة تابعة لها.
إذا اجتمعت عبادتان من جنس في وقت واحد:
قال ابن رجب الحنبلي، رحمه الله في القواعد:
” إذا اجتمعت عبادتان من جنس في وقت واحد، ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت؛ تداخلت أفعالهما، واكتفي فيهما بفعل واحد.
وهو على ضربين:
الأول: أن يحصل له بالفعل الواحد العبادتان جميعا؛ فيشترط أن ينويهما معا على المشهور.
ومن أمثلة ذلك: من عليه حدثان أصغر وأكبر؛ فالمذهب أنه يكفيه أفعال الطهارة الكبرى إذا نوى الطهارتين جميعا …”
واستفاض في ذكر فروع ذلك، وتخريجها على المذهب، ثم قال:
الثاي: أن يحصل له إحدى العبادتين بنيتها، وتسقط عنه الأخرى، ولذلك أمثلة:
-منها: إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فصلى معهم؛ سقطت عنه التحية…
-ومنها: إذا قدم المعتمر مكة؛ فإنه يبدأ بطواف العمرة، ويسقط عنه طواف القدوم…” .