التبرك بآثار رسول الله ﷺ، كشعره أو عرقه وما مس جسده لا بأس به، لأن السنة قد صحت بذلك، فقد قسم ﷺ في حجة الوداع بين الناس شعر رأسه، وهذا ثابت في صحيح مسلم وغيره، وذلك لما جعل الله فيه من البركة والخير.
يقول الدكتور محمود عكام :
التبرك يعني طلب البركة, والبركة هي الخير والراحة والطمأنينة على عكس الكرب والضيق والحرج, والتبرك بآثار الرسول ﷺ يعني أنني حين أمسك هذا الأثر من ثوبٍ لبسه أو إناء شرب منه أو شعرةٍ من شعراته، فإني أطلب راحةً وخيراً وطمأنينة من خلال ملامستي لشيء لامس المحبوب الأعظم أو لبعضٍ منه كالشعر وما شابه.
فلم لا يحصل ولا يكون هذا والقضية قضية إنسانية واقعية ممارسة قبلاً وبعداً. ألم يقل الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأتِ بصيراً) ومن الذي ينكر راحة أم وهي تأخذ في صدرها أشياء ولدها وفلذة كبدها وقد غاب عنها، وغير ذلك…الخ. ولقد ورد في الآثار عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ما يدعم هذا ويؤكده، فها هو عبد الله بن سلام قال لأبي بردة: ألا أسقيك في قدح شرب منه النبي ﷺ فيه. رواه البخاري.
ويروي البخاري أيضاً أن هذا القدح استوهبه عمر بن عبد العزيز فيما بعد فوهب له رجاء بركته. وهذا سهل بن سعد يروي أن واحداً من الصحابة رأى النبي ﷺ وقد لبس بردة أهديت له فقال له: ما أحسن هذه، فاكسنيها؟ فقال: نعم. فلٍما قام النبي ﷺ لام أصحاب الرجل. فقال هذا الرجل: رجوت بركتها حين لبسها، لعلي أكفن بها. رواه البخاري.
نعم نحن ننهى عن المبالغة التي تصل إلى اعتقاد في هذا الشيء المتبرك به يخالف ما أمرتنا به عقيدتنا الإسلامية، أما وإن التبرك كائن في الحدود التي ذكرناها فلنتبارك ولنتبارك، والله يتولانا وعسى أن نصل بتبركنا إلى اتباع صادق واعٍ.