يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم ـ رحمه الله ـ:
الإسلام لم يبح الجناية على الحمل بعد أن يوجد فعلاً. حتى ولو جاء عن طريق حرام. فإن النبي ﷺ لم يقبل أن يقام حد على امرأة حملت من خطيئة، حتى تضع جنينها وتتم رضاعه، إذ لا ذنب له ولا جريرة منه .
ثم اتفق الفقهاء على أن إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح حرام، وجرم كبير. ولا يحل لمسلم ولا مسلمة أن يقعا فيه، فإنه جناية على حي، متكامل الخلقة ظاهرة حياته، وقالوا: ولذا وجبت في إسقاطه الدية، إن نزل حيًا ثم مات وعقوبة مالية أقل منها إن نزل ميتًا .
وذلك إذا لم تتعارض حياة الأم مع حياة الجنين، فإن تعارضت بأن ثبت عن طريق موثوق به أن بقاءه في بطنها بعد تحقق حياته سيؤدي إلى موتها لا محالة. فإنه في تلك الحالة الحرجة يكون العمل بالقاعدة الشرعية الفقهية العامة التي تقضي بارتكاب أخف الضررين .
أما إذا لم تنفخ فيه الروح فإن إسقاطه بغير سبب يكون فحشًا أقل من فحش إسقاطه بعد نخفها فيه. وفيه التوبة بالندم وبالعزم الأكيد على عدم العودة، وبالإقلاع عن هذا العمل الشنيع، وبكثرة الاستغفار لله، وقد قال الإمام الغزالي رحمه الله عن الإجهاض والوأد “إن ذلك جناية على موجود حاصل، وله مراتب وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم، وتختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح، واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشًا. ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيًا”.