جاء التأكيد على ختام الصلاة في أكثر من حديث، بعبارة “دُبُر الصلاة أو خَلف الصلاة”.
منها ما رواه أحمد بسند جيد عن معاذ بن جبل : أن النبي -ﷺ- أخذ بيده يومًا ثم قال : “يا معاذ إني لأحبك” فقال له معاذ : “بأبي أنت وأمي يا رسول الله! وأنا أحبك”. قال : أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”. (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين).
وعن أبي هريرة عن النبي -ﷺ- قال : “أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا : اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله -ﷺ- كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة : “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.” (أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه وإنما ينفعه الإيمان) [رواه أحمد والبخاري ومسلم].
وهذه الأذكار إنما تكون بعد السلام من الفريضة، وهذا رأي جمهور العلماء، وذهب الحنفية إلى جواز وصل النافلة البعدية بالسلام من الفريضة دون فصل بينهما، ومعنى ذلك أن تؤجل الأذكار حتى الفراغ من الفرض والسنة.
فالذكر المأثور بعد الصلاة المكتوبة ينبغي أن يكون متصلا بالصلاة أو بعد تأخر يسير أو بسبب نسيان ونحوه، ففي الحديث المتفق عليه في شأن الفقراء الذين اشتكوا إلى رسول الله -ﷺ- كون الأغنياء قد حصلوا على أجور كثيرة أكثر من أجورهم، فقال لهم رسول الله -ﷺ- : “تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين. وفي رواية لمسلم : “دبر كل صلاة”.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
ومقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند الفراغ من الصلاة فلو تأخر ذلك عن الفراغ فإن كان يسيرا بحيث لا يعد معرضا أو كان ناسيا أو متشاغلا بما ورد أيضا بعد الصلاة كآية الكرسي فلا يضر.
وظاهر قوله صلاة يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض وقد وقع في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة وكأنهم حملوا المطلقات عليها وعلى هذا هل يكون التشاغل بعد المكتوبة بالراتبة بعدها فاصلابين المكتوبة والذكر أولا محل النظر . انتهى.
وعليه فالفصل اليسيير بين الصلاة والذكر المأثور من كلام ونحوه من كلاما لا يعتبر إعراضا عنه لا يؤثر على ثواب الذكر المذكور.
كما أن الانصراف من مكان الصلاة لاتأثير له في ذلك فبإمكان الشخص أن يقول تلك الأذكار في حال مشيه.