جاء في كتاب فقه السنة للشيخ السيد سابق ـ رحمه الله ـ:[1]
من الشروط ما يعود نفعه وفائدته إلى المرأة، مثل أن يشترط لها ألا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها ونحو ذلك.
فمن العلماء من رأى أن الزواج صحيح، وأنَّ هذه الشروط ملغاة ولا يلزم الزوج الوفاء بها.
ومنهم من ذهب إلى وجوب الوفاء بما اشترط للمرأة، فإن لم يفِ لها فسخ الزواج.
والأول مذهب أبي حنيفة والشافعي وكثير من أهل العلم، واستدلوا بما يأتي:
1 – أن رسول الله ﷺ قال: “المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً.
قالوا وهذا الشرط الذي اشترط يحرم الحلال، وهو التزوج والتسري والسفر وهذه كلها حلال.
2 – وقوله ﷺ: “كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط”. قالوا: وهذا ليس في كتاب الله لأن الشرع لا يقتضيه.
3 – قالوا: إن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ولا مقتضاه.
والرأي الثاني مذهب عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد وطاووس والأوزاعي وإسحاق والحنابلة، واستدلوا بما يأتي:
1 – يقول الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ” [المائدة/1].
2 – وقول رسول الله ﷺ: “المسلمون على شروطهم”.
3 – روي البخاري ومسلم وغيرهما عن عقبة بن عامر أن رسول الله ﷺ قال: “أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج. [2]
4 – روي الأثرم بإسناده: أن رجلاً تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها، فخاصموه إلى عمر بن الخطاب، فقال لها شرطها. (مقاطع الحقوق عند الشروط)
5 – ولأنه شرط لها فيه منفعة ومقصود، لا يمنع المقصود من الزواج فكان لازمًا كما لو شرطت عليه زيادة المهر.
قال ابن قدامة مرجحًا هذا الرأي ومفندًا الرأي الأول:
إن قول من سمَّينا من الصحابة، لا نعلم له مخالفًا في عصرهم، فكان إجماعًا. وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “كل شرط.. الخ”.
أي ليس في حكم الله وشرعه، وهذا مشروع، وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته، على أن الخلاف في مشروعيته، ومن نفى ذلك فعليه الدليل.
[1] فقه السنة (2/34-35) الفتح للإعلام العربي ـ القاهرة.
[2] أي: أحق الشروط بالوفاء شروط الزواج، لان أمره أحوط وبابه أضيق.