لا بأس بإزالة موضع النجاسة ( البول والغائط) بالمناديل الورقية سواء أكانت مبتلة أم جافة بشرط أن لا تتعدى النجاسة المحل ( أي إذا كان البول لم يتجاوز الفرج) أما إذا انتشر البول خارج الفرج فيجب حينئذ إزالته بالماء .
جاء في كتاب فقه الطهارة للشيخ يوسف القرضاوي :-
قد خفف الشرع عن العرب وأمثالهم من أهل البادية ومن في مستواهم، فشرع لهم الاستجمار بالأحجار، لأنه هو الميسور للكثير منهم، ولأن أغذيتهم كانت خفيفة، وغير مركبة في الغالب، فكان الحجر يجزئهم.
فأما إذا توافر الماء فهو أفضل وأولى، لأن الماء هو الأصل في التطهير وإزالة النجاسة.
قال الإمام أحمد: إن جمعهما فهو أحب إليّ. لما روي عن عائشة أنها قالت للنساء: مُرْن أزواجكن: أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم منه، وإن النبي ﷺ كان يفعله.
وحكى بعضهم قولا غريبا عن بعض السلف: أنهم أنكروا الاستنجاء بالماء. قال سعيد بن المسيب: وهل يفعل ذلك إلا النساء؟ وقال عطاء: غسل الدبر محدث!
وهذا كلام مردود عليه، ففي الصحيحين عن أنس، قال: كان رسول الله ﷺ إذا خرج من حاجته، أجيء ـ أنا وغلام من الأنصار ـ بإداوة (مطهرة) من ماء، فيستنجي به .
وروى ابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن جابر وأبي أيوب وأنس قالوا: نزلت هذه الآية (فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين) التوبة: 108، فقال رسول الله ﷺ: ” يا معشر الأنصار، قد أثنى الله عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ ” قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء. فقال: ” هو ذاك، فعليكموه ” وفي رواية للبيهقي: قال: ” فما طهوركم؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله ﷺ: ” فهل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء. قال: ” هو ذاك، فعليكموه ” أي الزموه.
قال النووي: فهذا الذي ذكرته من طرق الحديث، هو المعروف في كتب الحديث: أنهم كانوا يستنجون بالماء، وليس فيها ذكر الجمع بين الماء والأحجار. وقد ذكرنا حديث عائشة عند الترمذي.
وروي عن ابن عمر أنه كان لا يفعله، ثم فعله، وقال لنافع: إنَّا جربناه فوجدناه صالحا.
ولأنه يزيل العين والأثر، ويطهر المحل، وهو أبلغ في التنظيف. وقد استقر إجماع المسلمين على مشروعية ذلك.
هذا، وقد ذكر العلماء: أن الغسل بالماء يتعين إذا تعدى الخارج من البول أو الغائط: الموضع المعتاد، لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة، لأجل المشقة في غسله، لتكرر النجاسة فيه، فما لا يتكرر لا يجزئ فيه إلا الماء.
ولذا قال عليٌّ رضي الله عنه: إنكم كنتم تَبْعَرون بعرا، وأنتم اليوم تتثلطون ثلْطا، فأتبعوا الماء بالأحجار. يريد أن أكلهم قديما كان خفيفا وقليلا وبسيطا، فكان برازهم يابسا أشبه ببعر الإبل ونحوها. والآن قد تغيرت حياتهم وكثرت مآكلهم وتنوعت، فأصبح برازهم سائلا رقيقا، فيحتاج إلى الماء لإزالة أثره. وهذا من عليٍّ كرم الله وجهه: إشارة إلى ضرورة مراعاة علل الأحكام ومقاصدها.
وأما حديث: ” يكفي أحدكم ثلاثة أحجار ” ـ وهو ما رواه أحمد وأبو داود ـ فهو محمول على ما لم يتجاوز الموضع المعتاد.
ويكره له أن يستنجي بشيء محترم، فلا يجوز بطعامنا، ولا طعام دوابنا، وقد نهى النبي ﷺ أن يستنجى بالعظم، لأنه من طعام الجن، فأولى أن يُنهى عن طعام الإنس.
وكان الفقهاء قديما يكرهون استخدام الورق في الاستنجاء، ولكن المقصود به الورق المعد للكتابة. أما ورق الحمامات المعد لمثل ذلك: فلا كراهة فيه، بل هو خير من الأحجار بمرات، لأنه ألين وأنعم، وأقوى منها على التنظيف والإنقاء.