ليس لأي شخص أيًا كان أن يدعي أن امرأة ما زنت،ما لم يرَ،وليس معه شهود ، فإن ادعى ذلك ، جلد ثمانين جلدة ، حتى لو كانت المرأة عقيمًا ، واكتشف أنها حامل، فلا يجوز له أن يدعي أن الولد ليس من الزوج، فقدرة الله تعالى أعلى من قدرة البشر، ولله سبحانه وتعالى أمور لاتقاس بالمقاييس العقلية البحتة، ولا يحق رمي الزوج لزوجته بالزنى ما لم يكن هناك شهود إلا بالملاعنة.

يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل: ليس من حق الطبيب أن يخبر الزوج بأن الحمل ليس منه، فإن أخبره بذلك كان قاذفًا يستحق أن يُجْلَد ثمانين جَلْدة، ومعنى القذف أن يتهم إنسان إنسانًا آخر بالزنى تصريحًا، أو تلميحًا بأن يقول كلامًا يُفهَم منه أن المرأة قد حملت من غير زوجها مثلًا، قال تعالى: (والذين يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأتوا بأربعةِ شُهَداءَ فاجْلِدُوهُمْ ثمانينَ جَلْدَةً ولا تَقْبَلوا لهم شَهَادةً أبدًا وأولئكَ هُمُ الفاسقون) (النور: 4) فهل يستطيع هذا الطبيب أن يأتيَ بأربعة شهداء يُقِرُّون أنهم رأوا المرأة تزني رأيَ العين مع فلان في يوم كذا وفي المكان الفلاني، وعلى كل منهما ثياب صفتها كذا وكذا، وأنهم رأوا ذَكَرَه في فَرْجِها كما يَرَونَ المِرْوَد في المُكْحُلة؟ إلى آخر ما هنالك من شروط ذكرها الفقهاء في كتبهم.

وحيث لا يستطيع الطبيب أن يأتيَ بأربعة شهداء فليس له أن يَتَفَوَّه بكلمة واحدة تدين المرأة أو تجرح كرامتَها، وليحتفظ بهذا السر لنفسه فهو أمانة لا تجوز خيانتها تحت أي ظرف من الظروف.
ولا أحد يعلم لعله من الممكن أن تحمل المرأة من زوجها لأي سبب من الأسباب التي لم يكتشفها الطب، أو لأي سبب من الأسباب التي حدثت بقدرة الله تعالى بعد أن أُجريَ عليه جميعُ الاختبارات الممكنة، والله قادر على صنع المعجزات، وما يعلمه الإنسان شيء لا يساوي عُشْرَ مِعْشار ذرة في علم الله تعالى، بل إن علم الإنسان في جانب علم الله عَدَم مَحْض.

فعلى الطبيب أن يلزم حدَّه في مثل هذه القضية، فالولد للفراش ـ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ـ وللعاهر الحَجَر، أي الولد للزوج لأنه صاحب الفراش وللزانية الرجم بالحجارة.

وقد نَصَّ الفقهاء في كتبهم على أنه لا يجوز للزوج نفسه أن يَدَّعيَ أن الحمل ليس منه إذا عقد عليها وولَدَت في نهاية ستة أشهر، سواء ثبت أنه قد عاشرها أم لم يعاشرها، إلا بطريقة واحدة هي اللِّعان، وذلك بأن يَحْلِف بالله الذي لا إله إلا هو أن الحمل ليس منه، أربع مرات، ويدعو على نفسه باللَّعْنة في الخامسة إن كان قد كذب عليها، وتحلف هي أربعة أيْمَان أن هذا الحمل منه وإنه قد كذب عليها، وتدعو على نفسها بغضب الله في الخامسة إن كانت كاذبة فيما تقول وكان صادقًا فيما ادَّعى. فإن حلَف وحلَفَت أمام القاضي وجمع من الشهود في المسجد عند المنبر بعد صلاة العصر فُرِّقَ بينهما ونُفِيَ عنه الولد.