راعى الشارعُ حالةَ الضَّعْفِ النفسيِّ والعضويِّ في الشيخوخة ، فخفَّف بعض التكاليف الشرعية ومن ذلك :

* يجوز للشيخ الضعيف أن يصلي على الهيئة التي يستطيعها ، ويجوز له أن يتخلَّف عن الجماعة إن كان يشقُّ عليه الإتيان إلى المسجد.

* والشيخ الذي فنيت قوته ، ولم يعد قادراً على تحمل مشقة الصوم ، لا يلزمه الصوم ، واشترط بعض الفقهاء أن يكون عجزه مستمراً ، فلو لم يقدر على الصوم في حر الصيف مثلاً وقدر عليه في الشتاء أفطر في الصيف وقضى في الشتاء.

* ومن ذلك أيضاً جواز الإنابة عنه في الحج إن كانت حالته الصحية تمنعه من الحج بنفسه ، لمـــا ورد مـــن أن امــرأة قالــت للنبي : ( يـا رســول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة ، أفأحجُّ عنه ؟ قال : نعم ).

وقد كان النبي يتعوذ من الشيخوخة والهرم ويقول : ( اللهم إني أعوذ بك من الكسل وأعوذ بك من الجبن ، وأعـوذ بـك مـن الهرم ، وأعـوذ بـك من البخل ).

وذلك لما يصيب الإنسان في سن الشيخوخة من أمراض وضعف بدني ونفسي وعقلي ، ولاسيما منها خَرَف الشيخوخة Senile Demenition ) حيث تضعف الملكات العقلية ، ويبدأ المسن بالتصرف كالأطفال ، فيمسي كثير المطالب ، سريع الغضب لأتفه الأمور ، كثيري التَّبرُّم بما حوله ، بسبب أو دون سبب ! وهذه الحال تدعو للشفقة بالمسن والتَّرفُّقَ به ، ومراعاة مشاعره ، وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعيـة والنفسيـة الجيـدة له ، امتثالاً لأمر النبيُّ الذي حضَّ على إكرام الشـيخ الهـرم ، رجلاً كان أم امرأةً.

ولهذا يجدر بالقائمين على رعاية المسنين ـ سواء في البيت أو في دور الرعاية أن يعاملوا المسن بكل احترام وتوقير ، ويتجنبوا فرض الوصاية عليه بل يشجعونه على التصرفات المناسبة ويتيحون الفرصة له ليخدم نفسه بنفسه ، لأن هذا يرفع من معنوياته ، ويُشعره بأنه مازال عضواً فاعلاً في المجتمع ، كما يحسن تشجيع المسن على القيام بعمل يناسب حالته الصحية ، ويهيأ له المشاركة ببعض الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية الخفيفة التي تملأ أوقات فراغه الطويلة ، وتنشِّطه بدنياً ونفسياً ..