ذهب جمهور الفقهاء الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وجمع من فقهاء السلف إلى أنه يجوز للمصلي أن يسجد على كور عمامته، وعلى ثوبه ونحو ذلك مما اتصل به سواء كان هناك عذر أم لا، وليس شرطا كشف الجبهة عند السجود، وعند الشافعية ورواية عن أحمد يجب كشف الجبهة عند السجود مطلقا.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء –الحنفية والمالكية والحنابلة , وجمع من علماء السلف , كعطاء وطاوس والنخعي والشعبي والأوزاعي- إلى عدم وجوب كشف الجبهة واليدين والقدمين في السجود , ولا تجب مباشرة شيء من هذه الأعضاء بالمصلى بل يجوز السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل بالمصلي في الحر أو في البرد , لحديث أنس رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله ﷺ في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه).
ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( لقد رأيت رسول الله ﷺ في يوم مطير وهو يتقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد). وروي عن النبي ﷺ : { أنه سجد على كور عمامته } .
وعن الحسن قال : كان أصحاب رسول الله ﷺ يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل على عمامته , وفي رواية : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويده في كمه.
وذهب الشافعية وهو رواية عن أحمد إلى وجوب كشف الجبهة ومباشرتها بالمصلى وعدم جواز السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته أو قلنسوته أو غير ذلك مما هو متصل به ويتحرك بحركته لقوله ﷺ: (إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض) الحديث , ولما روي عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: (شكونا إلى رسول الله ﷺ حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا) وفي رواية: (فلم يقبل شكوانا).
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة :
الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان سبعة هي اليدان والرُّكبتان والقَدمان والجبهة، وهي كلّها من العورة في الصلاة بالنسبة إلى المرأة يجب سترها على خِلاف في القدمين عند بعض الفقهاء، وذلك فيما عدا الجَبهة فلا يَجب سترُها؛ لأنّ الوجه ليس بعورة في الصلاة. لكن هل يجوز سترُها أو لا يجوز ؟
الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل قالوا : يجوز سترُها بحيث لا تلمس موضع السُّجود وهي مكشوفة. والإمام الشافعي قال : يجب كشفُها ولا يجوز أن يحولَ بينها وبين موضع السجود حائِل.
وعلى رأي الجمهور يجوز السجود على جزء من الملبوس الذي يتحرّك بحركة المصلّي، كالكُمِّ وطرف الثوب وطرف الخِمار، وكور العِمامة التي يلبسها الرِّجال . ودليلهم على هذا ما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: كنا نصلِّي مع النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فيضع أحدُنا طرف الثوبِ من شدّة الحَرّ مكان السجود. كما قاسُوا الجبهةَ على بقية أعضاء السجود حيث يصحُّ السجود وهي مستورة.
وممّن رخّص في السجود على طرف الثوب عطاء وطاوس من التابعين، وكذلك النخعي والشعبي والأوزاعي، وذلك لاتّقاء شدة الحر والبرد من الرمل أو الحصباء التي يسجدون عليها.
ورخص أيضا في السجود على كور العمامة ومثله طرف الخمار الحسن البصري ومكحول وعبد الرحمن بن زيد. وسجد شُريح القاضي على بُرنسه ، والبُرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزِق به ، من دُرَّاعة أو جُبّة أو مِمْطر أو غيره، وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النّساك يَلبسونَها في صدر الإسلام. وهو من البِرس ـ بكسر الباء ـ وهو القطن والنون زائدة، وقيل : إنه غير عربي كما في النهاية لابن الأثير: وما روى من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ سجد على كور العِمامة فسنده ضعيف، والاستدلال هو القياس على طرف الثوب المتقدِّم ذكره.
ودليل الشافعي على وجوب كشف الجبهة حديث رواه مسلم عن خباب قال : شكوْنا إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حَرَّ الرَّمْضاء في جباهِنا وأكُفِّنا فلم يُشكِنا ـ يعني لم يُزِل شكوانا بالتّرخيص بالسجود على حائل يقينا حرارة الأرض ـ كما قال في الاستدلال على ذلك : لو سجد على ما هو حامل له لأشبهَ ما إذا سجد على يديه ـ أي وضع جبهته على يديه وهو ممنوع.
قال ابن قدامة في ” المغني ج1 ص561 ، 562 ” : المستحَب مباشرة المصلّي بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف ويأخذ بالعزيمة . قال أحمد: لا يعجبني ـ أي السّتر ـ إلا في الحَرّ والبرد. وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة. وكان عبادة بن الصّامت إذا قام إلى الصلاة يحسِر عمامته، أي يكشفُ جبهتَه بإزاحة العمامة عنها. وقال النخعي : أسجد على جبهتي أحب إليَّ.
فالخلاصة: أن الجمهور على جواز السجود على طرف الثوب والكم والخِمار وكور العمامة، ولكنْ يكرهُ إلا عند الحاجة كشدة الحرِّ والبرد في موضع السجود. أما الشافعي فلا يضعه ليسجد عليه، كما رخَّص في ستر الجبهة لعُذر كجِراحة يخاف من نزع العِصابة أو الساتر حصول مشقة.
أما السجود على اليد أو اليدين فلا يجوز، وتبطل الصلاة به عند الجمهور. وأبو حنيفة رخّص فيه مع كراهة”.