يقول الشيخ محمد سيد أحمد المسير :

من الأمور التي كثُر خِلاف الناس فيها صلاة التراويح في شهر رمضان، والذي نريد أن يفقَهَه الناس أن من صلاة النوافل في الإسلام التهجد وهو قيام بالليل بعد نوم وأداء بعض الركعات، وإليها الإشارة بقوله تعالى: (تتجافَى جنوبُهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا) (السجدة:16) وبقوله سبحانه: (وبالأسحار هم يستغفرون) (الذاريات:18)، هذه الصلاة شُرعت مثنى، مثنى ثم تُختَم بواحدة تُسمَّى وِتْرًا.

وقد اختلفت الروايات في العدد الذي كان يؤديه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رمضان غير ما بين إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة، وخمس عشرة ركعة. وقيل في توجيهها أن ذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه أو تبعًا للأحوال من عذر مرضي أو غيره أو تبعًا للأوقات من كُهولة أو كِبَر سِنٍّ وشيخوخة إلى غير ذلك.

كما حدَّثت الروايات الصحيحة: “أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى في المسجد ذاتَ ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى من النافلة فكثُر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيتُ أن تُفرَض عليكم”. قال الراوي وذلك في رمضان.

وتوفي رسول الله والأمر على ذلك ثم كان الأمر كذلك أيضًا في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر إلى أن استحسن جمع المسلمين رجالاً على أبَيِّ بن كعب ونساء على سليمان بن أبي جثمة وصلى بهم عشرين ركعةً.

وخلاصة الوارد في هذا المجال:أن صلاة الليل أو ما نسميه التراويح ليس لها حد لا يُزاد عليه ولا يُنقَص منه وتُؤدَّى فرادي وجماعات، فليؤدِّ المسلم العدد الذي تنشط له همته ويتأمل قراءته، ويستجمع فيه فكرَه نحو جلال الله وكماله امتثالاً لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: “مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدم من ذنبه”.