الواجب في قتل الخطأ أمران :
1- دية مسلمة إلى أهل القتيل ، وتقدر في زماننا ب4250 جراما من الذهب ، ولأهل القتيل أن يعفوا عن المطالبة بها
2- كفارة وهي في زماننا صيام شهرين متتابعين لعدم وجود الرقيق، والكفارة واجبة إذا كان المقتول مسلما .
وإذا كان غير مسلم فجمهور أهل العلم يوجبها طالما أن غير المسلم كان ذميا مستأمنا .
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني:
من قتل نفسا محرمة ، أو شارك فيها ، أو ضرب بطن امرأة ، فألقت جنينا ميتا ، وكان الفعل خطأ ، فعلى القاتل عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد ، فصيام شهرين متتابعين ، توبة من الله . وعن أبي عبد الله ، رحمه الله ، رواية أخرى ، أن على قاتل العمد تحرير رقبة مؤمنة ، والأصل في كفارة القتل قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} النساء 92 . وأجمع أهل العلم على أن على القاتل خطأ كفارة سواء كان المقتول ذكرا أو أنثى ، وتجب في قتل الصغير والكبير ، سواء باشره بالقتل ، أو تسبب إلى قتله بسبب يضمن به النفس ، كحفر البئر ، ونصب السكين ، وشهادة الزور .
وتجب بقتل الكافر المضمون ، سواء كان ذميا أو مستأمنا . وبهذا قال أكثر أهل العلم . وقال الحسن ، ومالك : لا كفارة فيه ; لقوله تعالى : { وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ } . فمفهومه أن لا كفارة في غير المؤمن . ولنا ، قوله تعالى : { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} النساء 92 . والذمي له ميثاق ، وهذا منطوق يقدم على دليل الخطاب ، ولأنه آدمي مقتول ظلما ، فوجبت الكفارة بقتله ، كالمسلم .
وقال الإمام القرطبيفي تفسير قوله تعالى: ( وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) النساء 92 .
هذا في الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة ; قاله ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي . واختاره الطبري قال : إلا أن الله سبحانه وتعالى أبهمه ولم يقل وهو مؤمن , كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب . وإطلاقه ما قيد قبل يدل على أنه خلافه . وقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم أيضا : المعنى وإن كان المقتول خطأ مؤمنا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم , فكفارته التحرير وأداء الدية .
وقرأها الحسن :” وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن ” . قال الحسن : إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه . قال أبو عمر : وأما الآية فمعناها عند أهل الحجاز مردود على قوله : ” وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ” ثم قال تعالى : ” وإن كان من قوم ” يريد ذلك المؤمن . والله أعلم . قال ابن العربي : والذي عندي أن الجملة محمولة حمل المطلق على المقيد .